أيُّ حِرَاكٍ غالَ منكَ السكونْ - كشاجم

أيُّ حِرَاكٍ غالَ منكَ السكونْ
ونارٍ كيسٍ أطفأتْهَا المُنونْ

يا بشرُ إنْ تُودِ فكُلّ أمرىء ٍ
بمثلما صرتَ إليه رَهِينْ

أو تُمْسِ غصناً في الثّرى ذاوياً
فقد ذَوَتْ قبلَكض فيهِ غُصُونْ

أَو يَبْلُ من خُسنِكَ رَيْعَانُهُ
فهكذا تنمي وَتَبْلى القُرُونْ

وليس مملوكٌ ولا مَالِكٌ
بخالدٍ كُلٌّ بموتٍ رَهينْ

منْ لِدَواة ٍ كنتَ تُعْنَى بها
عناية ً تعجزُ عنها القُيُونْ

أَمْ مَنْ لحاجاتٍ إذا ما مضى
فيها مَضَى وهو لِنُجْحٍ ضَمِينْ

أمْ منْ لكُتْبٍ كنتَ في طيّها
أسرعَ مما تمتلي في الجُفونْ

أمْ مَنْ لتذليلِ صعابٍ إذا
بَاشَرَها سهّلَ منها الحَرُونْ

أمْ مَنْ لكاسٍ ولدا مشيه
فيها لهُ من كلّ فنٍّ فُنونْ

يطوي الطوايرَ بلا كلفة ٍ
واللصقُ في الإلصاقِ لا يستَبِينْ

ظبْيُ كناسٍ يزنيه الرّدى
والليثُ لا يدفعُ عنهُ العَرِينْ

وجهٌ على البابِ إذا أمّه
رزقٌ وللكوكبِ حِصْنٌ حَصِينْ

يميّزُ الناسُ بتمييزه
منازلَ فيها شريفٌ ودُونْ

طَاهي قُدُورٍ طيّبٌ كفّه
مذاقُها فالغَثُّ فيها سَمينْ

يرمي إلى المفصلِ سِكّينَهُ
فَقَبْلَ أنْ تقربَ منهُ يَبينْ

يا ناصحي إذْ ليسَ لي ناصحٌ
ويا أميني إذ يخونُ الأَمينْ

لّما دّفَناكَ رَجعنَا وفي الأَحـ
ـشَاءِ من فَقْدِكَ داءٌ دَفِينْ

أمتَعْتْنَي حيّاً وآجرتني
ميتاً فحظّي منكَ دُنْيَا وَدِينْ

كنتَ لأَسراري فأصبحتَ قد
أُبيحَ من سريَ حِمَاهُ المَصُونْ

وكنتَ لي أنساً فلا أُنْسَ لي
وكنتَ عوناً فبمَنْ ستعيِنْ

إنْ تخلفِ الآمالُ في عُمْرِهِ
فلا تَكنْ تُخْلِفُ فيهِ الظّنونْ

تغدوا مع الكتَّابِ غلمانُهُمْ
ووأعتدي وَحْدِي وما لي قَرينْ

ولو أشا اعتضْتُ ولكنَّ ما
يعتاضُ إلاّ تاجرٌ أو خَؤُونْ

فاترة ٌ ألحاظُهُ طَالمَا
جرَّدَ من ذاكَ الفتورِ العُيونْ

منقادة ٌ للموتِ أَعْضاؤوهُ
يضعفُ أن يُسمَعَ فيه الأَنينْ

اسألهُ وهوَ على مَا بهِ
مقنع لِقولي ومجيبٌ مُبينْ

يذبلُ شيئاً بَعْدَ شيءٍ كما
يذبلُ بعد النظرة ِ الياسَمينْ

يا موتُ أخليتَ مكانَ الذي
لهُ مكانٌ من فؤادي مَكيِنْ

يا موتُ لو غَيْرُكَ أَودَى بهِ
ما كنتُ أستجدي ولا أستَكينْ

ما زالَ بِشرِي ليّناً بشرُهُ
متّبعاً حتّى أتاهُ اليَقِينْ

فالدّمعُ جارٍ والأَسى في الحَشَا
ثاوٍ وقلبي مستطارٌ حَزِينْ

عينٌ أصابَتْهُ فلا متعة ٌ
والعينُ لا تفضُلُ عنها العٌيوُنْ

فكيفَ حالي بعدَ منْ هذهِ
صِفَاتٌ منَ الخيرِ فيهِ تَكُونْ