طائر من ظمأ قد جهدا - محمد إقبال

طائر من ظمأ قد جهدا
كدخان نفسا قد صعدا

قد رأى ألماسة مثل الندى
صاغها ماء لعينيه الصدى

خدعته شذرة مثل الشرر
فرأى الجاهل ماء في الصخر

لم يجد ريا بضرب المنقر
لم يصب ماء بنقر الجوهر

ذات الشذرة جنبت الهدى
تضرب المنقار في جسمي سدى

لست ماء لا تراني ساقيه
ما أنا من أجل غيري باقيه

جاهل يقصد هضمي ما اهتدى
لحياة نورها منها بدا

كل منقار بمائي ينكسر
وترى الإنسان منه ينبهر

ما رأى الطائر فيها أربا
فتولى عن سناها لغبا

حسرة في صدره تتقد
زفرات لحنه يصعد

وأضاءت مثل دمع البلبل
قطرة في غصن ورد خضل

لضياء الشمس فيها منة
ولخوف الشمس فيها رعدة

كوكب يرعد من نسل السماء
شاقه الجلوة في هذا الفضاء

غره الأكمام والزهر الخصيب
لم يزود من حياة بنصيب

قطرة من دمع صب تبهر
زانت الهدب وكادت تقطر

فمضى الطائر فيها راغبا
بل بالقطرة حلقا لاهبا

أيها الباغي عدوا تقهر
قطرة أنت ترى أم جوهر

حينما الطائر أضناه صداه
حي نفسا بحياة من سواه

كانت الشذرة عضبا يرهب
لم يكن قطرة طل يشرب

قوة الذات احفظنها أبدا
وكن الألماس لا قطر الندى

أنضح القطرة كالطود ترى
حاملا غيما مفيضا أنهرا

أثبت الذات وفيها حقق
فضة كن بالتئام الزئبق

ومن الذات أبن أسرارها

حركن عن لحنها أوتارها