أدمعكَ أمْ عارضٌ ممطرٌ - مهيار الديلمي

أدمعكَ أمْ عارضٌ ممطرٌ
أمِ النَّفسُ ذائبة ٌ تقطرُ

دعوا بالرَّحيلِ فمستذهلٌ
أضلَّ البكاءُ ومستعبرُ

وقالوا الوداعُ على رامة ٍ
فقلتُ لهم رامة ُ المحشرُ

وأرسلتُ عيني بالأنعمينِ
لتبصرَ لو أنَّها تبصرُ

فما حملتْ خبراً يستطا
بُ إلاَّ الَّذي كذبَ الخبرُ

وعنَّفني منذرٌ خاليا
ألفتَ وفورقتَ يا منذرُ

وقالوا تحمَّلْ ولو ساعة ً
فقلتُ لهم مدَّتي أقصرُ

ولكنْ تطاللْ بعينِ النَّصيحِ
لعلَّكَ مستشرفاً تنظرُ

أجنب الغضا يقبلونَ الرِّكا
بَ أمْ عرعراً قالَ بلْ عرعرُ

فلا تذكرونَ لقلبي السُّلوَّ
إنْ كانَ ذاكَ كما يذكرُ

سقى اللهُ ما كرمتْ مزنة ٌ
وما وضعتْ حاملٌ معصرُ

وحنَّتْ فدرَّتْ على أرضها
سماءٌ تبوحُ بما تضمرُ

ملاعبنا بالحمى والزَّ
نُ أعمى وليلُ الصِّبا مقمرُ

وعصرُ البطالة ِ مثلُ الرَّبيعِ
حياً أبيضُ وثرى ً أخضرُ

وظبية ُ جارٌ إذا شاءَ زا
رَ لا تستريبُ ولا تحذرُ

إذا لذَّتُ اليومِ عنّا انطوتْ
وثقنا بأخرى غداً تنشرُ

وفي الحيِّ كلُّ هلاليَّة ٍ
هلالُ السَّماءِ بها يكفرُ

تذلُّ على عزِّها للهوى
وتسبى وأنصارها حضَّرُ

تسيلُ الأسنَّة َ منْ دونها
ونحنُ على سرِّها نظهرُ

فذاكَ وهذا لو أنَّ الزَّمانَ
إناءٌ إذا راقَ لا يكدرُ

تلوَّنَ في صبغِ أيَّامهِ
تلُّونَ ما نسجتْ عبقرُ

فيومٌ تعرُّفهُ غفلة ٌ
ويومٌ تجنُّبهُ منكرُ

يجدُّ ويبلى فطوراً غريبٌ
وطوراً يسدُّ الَّذي يعورُ

وحاجة ِ نفسٍ سفيرُ الرَّجا
ءِ يوْرِدُ فيها ولا يصْدرُ

تكونُ شجى ً دونَ أنْ تنقضي
وبابُ القضاءِ بها أعسرُ

بردتُ لساني أنْ أشتكي
أذاها وصدري بها يزفرُ

وعهدٍ رعيتُ وذي ملَّة ٍ
وصلتُ منَ الحقِ ما يهجرُ

أردتُ بقيَّتهُ فانعطفتُ
عليهِ وجانبهُ أزورُ

سها فتناسى حقوقي علي
هِ وهو على سهوهِ يذكرُ

أبالحقِ تهدمني بالجفاءِ
وأقطارُ عرضكَ بي تعمرُ

وتشربُ ظلمي مستعذباً
وظلمي ممرُّ الجنا ممقرُ

سأضربُ عنكَ صدورَ المطيِّ
وفي الأرضِ مغنى ً ومستمطرُ

نوازعُ تقمحُ وردَ الهوان
فتطمحُ تسهلُ أو توعرُ

وأنَّ لها في رجالِ الحفاظِ
مراداً إلى مثلهِ تزجرُ

وفوقَ ثنايا العلا أعينٌ
يهشُّ إليها ويستبشرُ

وفي جوِّ عجلٍ إذا أعتمتْ
وضلَّتْ نجومُ هدى ً تزهرُ

وأفنية ٌ تقبضُ الوافدينَ
إذا رفعتْ بينهمْ كبَّروا

يفيءُ لهمْ ظلُّها بالهجيرِ
وتأرجُ طيباً إذا أسحروا

متى تردِ الماءَ بالزّابيينِ
وترعى صريفينَ أو تعبرُ

تخضْ في جميمٍ يعمُّ السَّنام
وينصفهُ العنقُ المسفرُ

وتكرعُ منبسطاتِ الرِّقا
بِ لا يردُ النَّاسَ أو تصدرُ

ولراكبيها القرى والحمى
ورفدٌ يطيبُ كما يكثرُ

ومعقورة ٌ واجباتُ الجنوبِ
صفايا وفهَّاقة ٌ تهدرُ

فزاحمْ بها اللّيلَ حتَّى تكونَ
لها الصَّادعات لهُ الفجَّرُ

مواقرُ بالحاجِ تبطنُ حي
ثُ تطرحُ أثقالها الأظهرُ

فلا يعطفنَّكَ عنْ همَّة ٍ
هممتَ بها بارحٌ يزجرُ

فلا الجدُّ يدفعهُ أعضبٌ
ولا الحظُّ يصرفهُ أعورُ

ولا أنتَ رامٍ بها جانباً
يشطُّ ولا نيَّة ً تشطرُ

وعندَ أبي القاسمِ المكرما
تُ تنمي وأغصانها تزهرُ

كريمٌ يرى أنَّهُ بالملا
مِ يقذعُ أو بالغنى يفقرُ

إذا استأثرَ اللهُ بالمنفساتِ
منَ المالِ فهو بها مؤثرُ

يهينُ الحياة َ بحبِّ الفناءِ
وكفَّاهُ في حسبٍ يغمرُ

ويعطى عطاءَ ابنَ عيسى ابنهُ
وما بينَ بحريهما أبحرُ

فهذا يجودُ على فقرهِ
وذاكَ على جودهِ موسرُ

ففي الضَّيمِ عنهُ فؤادٌ أصمُّ
إذا قطرَ الصَّخرُ لا يقطرُ

وأنفٌ يجيشُ بهِ منخراه
إذا سدَّ في آخرٍ منخرُ

ونفسٌ إذا العيشُ كانَ اثنتين
علاً تقتنى وغنى ً يؤثرُ

مضتْ في سبيلِ الأشقِّ الأعزِّ
ولمْ يصبها الأروحُ الأصغرُ

ويومٍ منَ الدّمِ ساعاتهُ
قميصُ النَّهرِ بهِ أحمرُ

تبطِّنهُ خائضاً نقعهُ
يقلَّصُ عنْ ساقهِ المئزرُ

حميّة ُ من لا تنامَ التِّرا
تُ خلفَ حشاهُ ولا تهدرُ

وضوضاء قطَّرَ بالمفحمي
نَ ظهرُ مطيَّتها الأزعرُ

تخلَّصها فمهُ فانجلتْ
كمافارقَ الصَّدفَ الجوهرُ

فوترٌ مضاعٌ بهِ يستقادْ
وفضلٌ مذارٌ بهِ ينصرُ

إذا قالَ فاعقدْ خيوطَ التَّميم
عليكَ فألفاظهُ تسحرُ

ويا تاركَ الخمرِ لا تأتهِ
فإنّ خلائقهُ تسكرُ

يريكَ بظاهرهِ غادة ً
تزمُّ حياءً وتستخفرُ

وفي فهمهِ لكَ نضناضة ٌ
خدورٌ وفي درعهِ قسورُ

تعطَّرَ منْ طيبهِ المجدُ عنهُ
وعنْ قومهِ الأطيبُ الأطهرُ

ملوكٌ قديمهمْ كالحديث
وبالفرعِ يعرفُ ما العنصرُ

وما أخلفوا أنْ يحلِّي الزَّما
نَ منهمْ أميرٌ ومستوزرُ

وقاضٍ ينفِّذُ أحكامهُ
إذا أمرَ النَّاسَ لا يؤمرُ

همُ لعشيرتهمْ كالسَّما
ءِ كلُّ الَّذي تحتها يصغرُ

لهمْ كأسُ نشوتها بالعشيِّ
وخيلُ الصَّباحِ إذا استذعروا

وفيهمْ مرابعها والصف
يُّ والقدحُ إنْ علِّي الميسرُ

وما سارَ منْ ذكرها في السَّماح
فهم ريَّشوهُ وهمْ طيَّروا

مضوا سلفَ المجدِ واستعمروا
ديارَ العلا سعى منْ أخَّروا

وقدْ علموا بابنهمْ يومَ را
شَ أن رمائمهم تنشرُ

وما هبة ُ اللهِ إلاَّ المدا
مُ منْ مثلِ كرمهمُ تعصرُ

فلا عصمُ سوددهم بالقنا
يُحلُّ ولا عودهمْ يقشرُ

ومنتحلٍ سمة َ الفاضلي
نَ والفضلُ منْ شكلهِ ينفرُ

تقلّدَ فيما ادَّعى غيرهُ
هوى ً وهوَ في اللؤمِ مستبصرُ

رآكَ كملتَ فظنَّ الكمالَ
لكلِّ فتى ً رامهُ يقدرُ

ولم يدرِ أنَّ الحجا متعبٌ
ولا أنَّ حبَّ العلا مفقرُ

حلتْ نومة ُ العجزِ في عينهِ
فلمْ يدرِ ما فضلُ منْ يسهرُ

لكَ الخيرُ فاسمع فإنَّ الحدي
ثَ يقتَّصُّ ثمَّ لهُ منشرُ

يهبُّ شراراً ويمشي على السُّ
روحِ فتلهبُ أوْ تسعرُ

ولا ترعني سمعَ خالي الضُّلو
عِ ممّا أجنُّ وما أظهرُ

فغيركَ منْ لا أبالي بما
شكوتُ أيسمعُ أو يوقرُ

وغيرُ حياضكَ مالاأحومُ
عليهِ ولو أنَّهُ الكوثرُ

إلامَ تحرِّمُ شعري بكمْ
يضيعُ وذمَّتهُ تخفرُ

ويمطلَ ديني ودينِ الوفا
ءِ تاركهُ عندكمْ يكفرُ

وللمطلِ والصَّبرِ وقتٌ يحدُّ
فكمْ تمطلونَ وكمْ أصبرُ

ألمْ تعلموا أنَّني ما بقي
تُ أنظركمْ ثمَّ لا أنظرُ

أذمُّ زماني وبي حاجة ٌ
إلى القولِ شاهدها يحضرُ

وأرسلُ منْ رسنَ الإقتضاءِ
أواناً أعرِّضْ أو أذكرُ

فلا بالشِّكاية ِ ممَّا أبو
حُ أحظى ولا بالّذي أسترُ

وقدْ كنتُ أشكو وأيَّامكمْ
جعادٌ وعامكمُ أغبرُ

وأعذرُ والخالُ فيما أرو
مُ عنْ قدرِ همَّتكمْ تقصرُ

فكيفَ وقدْ أمطرتْ أرضكمْ
وأفعمَ واديكمُ أعذرُ

وأمرُ البلادِ ورزقُ العباد
إليكمْ وعنْ مثلكمْ يصدرُ

قدرتمْ فمنُّوا فكمْ ليلة ٍ
سهرتُ إلى اللهِ أنْ تقدروا

فما في الحميّة ِ أنْ يمنعَ ال
ملىء ُ وذو حقّهِ معسرُ

دعوناكمْ منْ وراءِ التي
لسانُ البليغِ بها يحصرُ

وعنْ خلَّة ٍ باطنٍ داؤها
تجمَّلُ بالصَّمتِ أو تسترُ

مكحَّلة ٍ خشنٍ مسَّها
إلى أكلنا فمها يغفرُ

يعزُّ على المجدِ والمكرما
تِ أنَّا بأنيابها نعقرُ

ونحنُ منَ الدَّهرِ بلْ منكمُ
بما سدَّ خلَّتنا أجدرُ

شموسٌ ببغدادَ منكمْ تضيء
ونحنُ بأقسامنا نعثرُ

وبالجزعِ فالمنحنى من دجيلٍ
سحابٌ على غيرنا يهمرُ

ونحنُ نظنُّ بأيّامكم
كما ظنَّ بالثمرِ المؤبرُ

فهلْ فيكمُ وبلى فيكمُ
فتى ً يصرخُ الفضلَ أو ينصرُ

فيذكرُ منْ حقِّنا ما نسي
ومثلُ أواصرنا يذكرُ