بأبي هائمةٌ زفّت لهائم - فهد العسكر

طرقتني فجر يوم المولدِ
وأبوها عاكفٌ في المسجدِ

فالتقى الثغرانِ رغم الحسَّدِ
وكلانا مُتعب القلب صدي

**

غادةٌ لم تخشَ إنذارَ أبيها
لا ولم تحفل بتهديدِ أخيها

حين قالت أمُّها قومي اغنميها
ساعةً ، هيا معي لاتقعدي

**

فارتدت ثوبَ أخيها وهو نائم
وأتت تحرسها ، والجو غائم

بأبي ، هائمةٌ زفّت لهائم
موجعُ القلب جريح الكبدِ

**

فشجا نفسيَ مامرّ ببالي
حين أبكاها شُحوبي وهُزالي

قُلت صونيها فإن الدمعَ غالي
أدْمُعاً للروحِ لا للجسدِ

**

ونشرنا وطوينا صفحاتِ
وسخرنا من أراجيف الوشاةِ

وتصفّحنا سجلّ الذكرياتِ
برهةً واندمل الجرح النَّدي

**

ثم قالت ورذاذ المطرِ
حبَس الطير ولمّا يطرِ

هاتِ بنت النخل يابن العسكرِ
. لايطاق الصحو في ذا البلدِ

**

هاتها بيضاءَ من خمرالعراقِ
كم بها حلّق بالندمانِ ساقِ

ولنعاقرها معاً قبل الفراقِ
ثم قامت ونضت ماترتدي

**

يالمرآى شاعرٍ يُسقي غريرة
ويناغيها بالحانٍ مثيرة

ولمرآى غادةٍ نشوى صغيرة
وهي تسقيهِ وكم قالت : زدِ

**

وشفينا إذ سكرنا الغُللا
وتغنّت بهوانا كيف لا

فانتشى الكونُ وقد أصغى الى
صوتها العذبِ الحنونِ الغَردِ

**

واعتنقنا يالها من لحظاتِ
هي سرّ العيشِ بل معنى الحياةِ

من رآنا خالنا صرعى السّباتِ
. آه لو كان سباتاً أبدي

**

وترشّفنا حُميّا القُبل
وتركنا النومَ للغرّ الخلي

وتحدّثنا عن المستقبلِ
وأزحنا الستر عن دنيا الغدِ

**

وأفقنا واذا بالشيخِ قادم
وكِلانا مطمئنُّ النفس ناعم

وافترقنا ولتقُم شتّى المزاعِم
. فلظى ، مأوى الأثيمِ المعتدي