حِذَاءٌ ثَخِينٌ - إدريس علوش

(1)
يُوتُوبْياَ خَطَوَاتِه
تَقُودُه – عادةً – إلى أدراجِ
الهُيام
يَتيمًا في المَشْي
يُوقِعُ بِالنِّسْيَان
في أَزْرَارِ مِعْطَفِه الكَئِيب
كُلَّماَ حَلَّ بسَاحَةِ الحَانَة
أَغْوى عواء جيُوبِه بِالفِرَارِ
ثانيةً
لكنَّ وَميضَ الكَأْسِ يُبْهِرُهُ
وعِوض اللَّحْظَة يبقَى العُمْر كُلَّه
أسيرَ طاولةٍ
وقَارُورةٍ تَخْتَزلُ الوُجودَ
فِي بُرْكَانْ…
تَرَكَ بَاحَة الوَظِيفَةِ
تَرَكَ جَزْرَ السَّرِيرِ
تَرَكَ مرارَةَ الخَرِيطَة
تَرَكَ ركْض الحَافِلاَتِ
وانْسَابَ منْ ثِقْب إِبْرةٍ
يُنقِّبُ عن سِرٍّ وَاحِدٍ
لسرابِ الحَقيقة..
(2)
بِحذَاءٍ ثَخينٍ
يَمْضَغ أَتْربةَ الطَّريقِ
يُعانِد قُفْرَ الفُصُول
في مِشْجَبِ الَحَقيقة
يَنطُّ إِلى مَصَادر عَيْشِه
دُونَ أَن يَأْبَه لسُورِ العَوْسَجِ..
مِرْوَحةُ الفِكْر
تُهَدهِدُ حفر سُؤالِهِ عن أُناسٍ
قَرعُوا أَجْراس الكأْس
إلى جواره مَرَّات وانْصرفُوا
عَبَروا نَفْسَ أَسْلاَكِ الفَانُوسِ
في مدينة ظِلاَلِ الدَّالِيةِ
وصاروا بعد وصلة الدَّفْنِ
سحابة غُبَارْ..
هَلْ بَعْدَ الحَانَة
أَشْتَمُ صُوَرًا أُخْرَى
لِسُبُل الحَيَاة..؟
ظلَّ يَسْأَلُ…
كَانَتْ بقَايا جُثَّته
عَلَى نِصْفِ نَعْشِ هَادِئة
ساعَة الجدارِ معطَّلة
تشير إلى هَدْمِ النَّهار
ومَجاز اللَّيْل
وما تَبقَّى من قَيْد حَياتِه
يَنقَضُّ عَلَى سِعَة بياضِ الكَفْنِ
تَكْفي حروفُ سَوْدَاء
لِتُفْصِحَ عنْ سِرِّ مَرْمَرِ
الشَّاهِدَةِ.