أوراق من غصن الأرق - عبدالحكيم الفقيه

(1)
وكان الخوف أول ما نمى في الجوف . أول ما همى في المد . دنيا تشعل الدنيا
عفاريت من الأوهام . أشباح بلا أقدام . ليل يأكل الاضواء .
كان الجن يرتادون مثل الناس . ترمي المقبرات الجمر . تعوى من أساطير
ذئاب الليل . ينهار النهار البكر . يشوي البرق قلب العصر . نار النار
تجتث السؤال المر . أوجاع تخيم في هواء القرية الحيرى . فلاحون
مذبوحون حتى الموت بالآلام. أثلام تمص الدمع والأصوات .
ابواب من الآهات في الجدران . يأتي الخوف أكواما كأثمان لقسط
العيش حتى دونما الأحلام . طقس يمحق المحصول . شهر الصوم
والاعياد والاعراس كالكابوس . أفواج من الأمراض . زيت
الفتنة المخزون في التنور مسكوب ويلقى الناس كالأحطاب .
يأتي الخوف بالميعاد اكواما من الأوجاع
أطيار تفر بعشها المحروق
...
أوتار تفر بصوتها المخنوق
شباك... شبابيك تودع صوب لا تدري أزاهيرا واشجارا
تفر غصونها والظل
من أعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
(2)
يجيء الخوف بالميعاد أكواما من الأوجاع . يفرغ قيئه المذياع
في الأسماع . مكدوم الجبين الشارع الشعبي . أحياء المدينة مثلما
الأموات . يجري الناس مذعورين . دكان يفتش عن ضحايا من
مشاة الوقت . وهج العمر قربان لماء الشرب والاضواء والأقوات
من أعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
(3)
يدور الظل ملفوفا على ساق كسيح ينزوي في صمته اليومي مشدوداً
إلى رتل من الأحجار . بين الفرع والاغصان ، بين البنصر المبتور
...
والابهام ، تجثو عنده الأوراق طابورا من الأشجان
يبكي الفرع مثل الفرع
من أعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
(4)
متاهات من الساعات تقتات المرور الفج في الفينات . خيط كومته
الريح من مور المدى المكشوف . اشلاء من الاشلاء في البيداء
أسوار تدل الظن أن يأتي ولا يأتي . جهات تلتوي .
ضوضاء تكسو الصوت . مغنى سابح في قاع حوض من مياه
الصمت . مرآة تفتت بالشروخ الوجه .
من اعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
(5)
خزعبلة متوجة . أتون تثقب الذكرى . كرى يصحو . جلاميد
على الألباب . يبني الليل أقفاصا . وريش النجم منتوف
وقفر يشرب الألوان من اصقاع غاصت غصة الاملاق
...
في بلعومها المهموم . مكتوم زفير البحر . راع يحصر السكان
تسهيلا لتوفير الردى والسجن والسجان . ألقاب لأسماك
على اللوحات . أسماك لها اسماء . منشار نسى الأخشاب
كي يسطو على الأعناق
يا للهول
من أعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
(6)
كمن أعطى لهذا الرعب ناموسا ، ألا يأتي الذي يأتي من الآتي
ويعطي للنقيض الحلو : نبراسا
واعراسا
وناموسا
ألا يأتي ؟
.......
متى يأتي ؟
.......
فمن أعطى لهذا الرعب ناموسا ؟