الضباب .. وشمس هذا الزمان - عبدالله البردوني
يشتهي الصمت ، أن تبوح فينسى
ينتوي أن يرقّ ، يمتد أقسى
ينزوي خلف ركبتيه ، كحبلى
يرعش الطلق بطنها ، وهي نعسى
***
أيّ شيء تسّر يا صمت ؟ تعلو
وجهه صخرتان ، شعثا وملسا
ربما لا يحس ، أوّ ليس يدري
وهو يغلي بالحسّ ، ماذا أحسّا
***
تشرئب الثقوب ، مثل أكف
فاقدات البنان ، تشتاق لمسا
ينبس العشب ، بالسؤال كطفل
يتهجى قحط الرضاعة درسا
قبل أن يبزغ البراعيم ، ترمي
لفتات ، تخاف لمحا وهجسا
يحذر الميت رمسه ، وجنسن
قاذف وجهه ، إلى المهد رمسّا
***
ما الذي يستجدّ ؟ لا شيء يجدي
كلّ شيء ، بيع وجهيه بخسا
وجهك الداخليّ ، لعينيك منفى
وجهك الخارجي ، لرجليّك مرسى
أنت مثلي ، بيني وبيني جدار
وجدار بيني ، وبينك أجسى
أصبحت (عامر) جوادا (لروما)
وجلودا سمرا ، يخبئن (فرسا)
بعد (باذان) جاء باذان ثان
(عبدريّ) سبا (بريما) و(عنسا)
كان يسطو (جنبول) ثم توارى
وانتقى باسمه (لذبيان) (عبسا)
ما الذي يستجدّ ؟ تنوي بروق
تنهمي تنثني ، من الخوف تعسا
***
يمتطي نفسه الضباب ، ويأتي
كالمسجّى ، يلقّن الصمت همسّا
يحتوي كلّ معبر ، يتلوى
في عيون الكوى ، رؤى جدّ خرسا
***
يجتذي ساعديه ، عينيه يهوي
خاسئا يرتقي ، أحطّ وأخسى
كجدار ينهار ، فوق جدار
كغبار ، يستنزف الريح جنسا
يبتدى ، عليه جلد الصحارى
وطلاء ، تشمّ فيه ، (فرنسا)
وركام من التّلاوين ، حتى
لا يبقّي ، لأي (حرباء) لبسا
كجراد له حوافير خيل
كملاه ، من بولها تتحسا …
***
صمت ، ما الوقت لا أرى ما أسمّي
لاالصباح ابتدا ولا الليل أمسى
لم يعد ـ يا ضباب ـ للوقت وقت
والمكان انحمى ؟ على الريح أرسى
إنني يا ضباب ، أسمع شيئا
اسمه موطني ، يغنّي ويأسى
ملء هذا الرحاب ، يمتدّ يرمي
عنه نفسا ، ويبتدي منه نفسا
ذاك وادي (عسى) نعم كان يوما
وتخطّى وادي (عسى) من تعسّى
أتراه ؟ يحمرّ ، يرنو بعيدا
ومناه تجتاز ، عينيه حدسا
ما الذي ؟ لا تحسّه ! كيف تدري ؟
ومتى كنت ؟ أنت تملك حسّا
أترى هذه العيون الدوامي
تحت رجليك ؟ سوف تنبت شمسا
شمس هذا الزمان ، من تحت تبدو
ثم تعلو ، تفجّر الموت عرسا