أمام المفترق الاخير - عبدالله البردوني

يا شعر … يا تاريخ … يا فلسفة
من أين يأتي ، قلق المعرفه؟

من أين يأتي ؟ كلّ يوم له
غرابة … رائحة مرجفه

نألفه شيئا … فيبدو لنا
غير الذي نعتاد … كي نألفه

لكن له في كل يوم فم
ثان … يد ثالثة مرهفه

حينا له كبر … وحينا له
تواضع أغبا من العجرفه

وتارة تعلو وتهوي به
أجنحة غيمّية الرفرفه

أصمّ كالأحجار… لكنّه
يدوي ، ولا صوت له ، لا شفه

ينوي كفنّان ، بلا فكرة
يغلي … كطيش الفكرة الملحفه

نحسّ أنّا مأسّويون
لا نملك للمأساة غير الصفه

يجترّنا الخبز ، فتقتاتنا
ـ من قبل أن نشتمّها ـ الأرغفه

نموت ألفّي مرة … كي نرى
كلّ يد مشبوهة ، مسعفه

***

يا دور يا أسواق ، ماذا هنا
موت تغاوي ، وجهه الزّخرفه

رعب صليبيّ ، له أعين
خضر … وأيد بضّة متلفه

***

يا فندق (الزهرا) محال تعي
قضية (المنصورة) المؤسفه

ويا (محا) … ماذا سيبدو إذا
تقيأت أسرارها الأغلفه؟

تفنن الموت … فأضحى له
جلد أنيق … مدية مترفه

يمتصّ بالقتل الحريريّ كما
يحتاج ، بالوحشة المسرفه

يلمع الأوباء ، كي ترتدي
براءة أظفارها المجحفه

من أين نمشي يا طوابير … يا
سوقا من الأنياب والهفهفه؟

من أين يا جدران … يا خبرة
تزوّق التمويت ، والسّفسفه؟

من ها هنا … أو من .. وتجتازنا
ـ من قبل أن نجتازها ـ الأرصفه

***

هل ننثني يا شوط ؟ هل ينثني
نهر يريد العشب ، أن يوقفه؟

هنا طريق ، لا يؤدي … هنا
درب … إلى الرابيه المشرفه

هذا عنيف ، وله غايه
وذا بلا قصد ، وما أعنفه