الطريق الهادر - عبدالله البردوني
هتاف هتاف و ماج الصدى
و أرغى هنا و هنا أزبدا
وزحف مريد يقود السنا
و يهدي العمالقة المرّدا
تلاقت مواكبه موكبا
يمدّ إلى كلّ نجم يدا
عمائمة من لهيب البروق
و أعينه من بريق الفدا
أفاق فناغت صبايا مناه
على كلّ أفق صبا أغيدا
و هبّ ودوّى فضجّ السكون
ورجّعت الريح ما ردّدا
و غنّى على خطوه شارع
ودرب على خطوه زغردا
و منعطف لحّنت صمته
خطاه و منعطف غرّدا
مضى منشدا و ضلوع الطريق
صنوع توقّع ما أنشدا
و أقبل يسترجع المعجزات
و يستنهض الميت و المقعدا
و يبدو مداه فيمضي العنيد
يحاول أن يسبق الأعندا
فتطغى مشاهده كالحريق
و يقتحم المشهد المشهدا
و يرمي هنا و هناك الدخان
و يوحي إلى الجوّ أن يرعدا
***
هو الشعب طاف بإنذاره
على من تحدّاه و استعبدا
وشقّ لحودا تعبّ الفساد
و تنجرّ تبتلع المفسدا
و أوما بحبّات أحشائه
إلى فجره الخصب أن يولدا
أشار بأكباده فالتقت
حشودا مداها وراء المدى
وزحفا يجنّح درب الصباح
و يستنفر الترب و الجلمدا
و ينتزع الشعب من ذابحيه
و يعطي الخلود الحمى الأخلدا
و يهتف : يا شعب شيّد على
جماجمنا مجدك الأمجدا
وعش موسما أبديّ الجنى
و عسجد بإبداعك السرمدا
و كحّل جفونك بالنيّرات
وصغ من سنى فجرك المرودا
لك الحكم أنت المفدى العزيز
علينا و نحن ضحايا الفدا
***
ودوّى الهتاف : " اسقطوا يا ذئاب "
و يا راية الغاب ضيعي سدى
وكرّ شباب الحمى فالطريق
ربيع تهادى و فجر بدا
ومرّ يضيء الحمى كالشموع
يضيء توهجها معبدا
ويزجي عذارى بطولاته
فيشحّ الجرح و السؤددا
و يغشى على الظلم أبراجه
فيزري به و بما شيذدا
و يكسر في مفّ طاغي لبحمى
حساما بأكباده مغمدا
و تندى خطاه دما فائرا
يذيب دما كاد أن يجمدا
و يلقي على كلّ درب فتى
دعته المروءات فاستشهدا
يدني إلى الموت حكما يخوض
من العار مستنقعا أسودا
و يجترّ أذيال " جنكيزخان "
و يقتات أحلامه الشردا
و يحدو ركاب الظلام الأثيم
فيبلغ الصمت رجع الحدا
و يحسو النّجيع و لا يرتوي
فيطغى ؛ و يستعذب الموردا
رأى الشعب صيدا فأنحى عليه
وراض مخالبه واعتدى
فهل ترتجيه ؟ و من يرتجي
من الوحش إصلاح ما أفسدا ؟
و هل تجتدي ملكا شرّه
سخيّ اليدين ... عميم الجدا ؟
و حكما عجوزا حناه المشيب
و ما زال طغيانه أمردا
تربّى على الوحل من بدئه
و شاخ على الوحل حيث ابتدا
فماذا يرى اليوم ؟ جيلا يمور
و يهتف " لا عاش حكم العدا "
***
زحفنا إلى النصر زحف اللّهيب
و عربد إصرارنا عربدا
و دسنا إليه عيون الخطوب
و أهدابها كشفار المدى
طلعنا على موجات الظلام
كأعمدة الفجر نهدي الهدى
و نرمي الضحايا و نسقي الحقول
دما يبعث الموسم الأرغدا
لنا موعهد من وراء الجراح
و ها نحن نستنجز الموعدا
وهل يورق النصر إلاّ إذا
سقى دمنا روضه الأجردا
أفقنا فشبت جراحاتنا
سعيرا على الذلّ لن يخمدا
رفعنا الرؤوس كأنّ النجوم
تخرّ لأهدابنا سجّدا
و سرنا نشقّ جفون الصباح
و ننضج في مقلتيه الندى
فضجّ الذئاب ، من الطافرون ؟
و كيف ؟ و من أيقظ الهجذدا
و كيف استثار علينا القطيع ؟
و من ذا هداه ؟ و كيف اهتدى ؟
هنا موكب أبرقت سحبه
علينا وحشد هنا أرعدا
وهزّ القصور فمادت بنا
و أشغل من تحتنا المرقدا
و كادت جوانحنا الواجفات
من الذعر أن تلفظ الأكبدا
***
فماذا رأت دولة المخجلات ؟
قوى أنذرت عهدها الأنكدا
بمن تحتمي ؛ واحتمت بالرصاص
و عسكرت اللّهب الموقدا
و لحّنت الغدر أنشودة
من النار تحتقر المنشدا
و نادت بنادقها في الجموع
فأخزى المنادي جواب الندا
و هل ينفد الشعب إن مزّقته
قوى الشر ؟ هيهات أن ينفدا
فردّت بنادقها و الحسيس
إذا ملك القوّة استأسدا
و جبن القوى أن تعدّ القوى
لتستهدف الأعزل المجهدا
و أردى السلاح لأردى الأنام
و أجوده ينصر الأجودا
و يوم البطولات يبلو السلاح
إا كان وغدا حمى الأوغدا
فأيّ سلاح حمى دولة
تغطّي المخازي بأخزى ردا ؟
و تأتي بما ليس تدري الشرور
و لا ظنّ " إبليس " أن يعهدا
لمن وجدت ؟ من أشذّ الشذو
ذ و من أغبن أن الغبن أن توجدا
بنت من دم الشعب عرشا خضيبا
ورضّت جماجمه مقعدا
و أطفت شبابا أضاءت مناه
فأدمى السنا حكمها الأرمدا
وسل كيف مدّت حلوق الردى
إليه فأعيا حلوق الردى ؟
و كم فرشت دربه بالحراب
فراح على دمه ... واغتدى
وروّى التراب المفدّى دما
مضيئا يصوغ الحصى عسجدا
و عاد إلى السجن يذكي النجوم
على ليلة فرقدا فرقدا
و يرنو فينظر خضر لالرؤى
كما ينظر الأعزب الخرّدا
فتختال في صدره موجة
من الفجر تهوى المدى الأبعدا
و يهمس في صمته موعد
إلى الشعب لا بدّ أن تسعدا
سينصبّ فجر و يشدو ربيع
و يخضوضر الجدب أنّى شدا
فهذي الروابي و تلك السهول
حبالى و تستعجل المولدا