أم في رحلة - عبدالله البردوني

هل هذا طفلك ؟ واقتربت
كالطفل ، تناغي ، وتنادي :

طفلي ، هل أعجب سيدتي ؟
حلو ، كهديا الأعياد

وكأوّل إحساس الأنثى
برنوّ المعجب والصّادي

ما اسم المحروس ؟ : اجب يا إبني : (نعمان) كجد الأجداد

أهلا (نعمان ) فيستحيي
ويرفرف، كالورد النادي

فتحاكي لثغته الخجلى
وتغم كالنبع الشادي

ما أروعه ؟ يا عم وما
أسخى عينيه ، بإسعادي

أولادي الأربعة ، اختلطوا
فيه ، ما أحلى أولادي

عيناه ، كعيني (عائشة)
خدّاه ، كخدّي (عبّاد)

فمه ، يفتر ، كثغر (لمى)
زنداه ، كزنده (حمّاد)

***

شكل حلو ، ما أجمله
كالطيف ، كأطيار الوادي

كالحب كدغدغة الذكرى
كالحلم ، كهمس الميعاد

أشتمّ حليبي .. في فمه
قبلاتي أنفاس بلادي

وتمدّ إلّي ملامحه
فرحي ، وعذاب الميلاد

زهوي بالحمل ، كجاراتي
صرخات المهد ، وإجهادي

وتعيد إلّي طفولته
صغري ، وطفولة أندادي

فكأني ولداتي نشدو
أو نركض ، كالسّيل العادي

***

(نعمان ) أعاد صبا عمري
يا عمّ ، وايقظ ، إيقادي

كهوى ، كلّت أنشودته
وتلظّى ، رجع الإنشاد

خلفي ، يا عم ، نداءات
وأمامي ، سحر الأبعاد

أمضي ، وأعود ، وأطفالي
أسفاري ، أشواق معادي

لا تأسي ، يا بنتي ، إني
سافرت العمر ، بلا زاد

خضت الخمسين ، بلا ولد
يرجى ، وبلا أمل حادي

وأتى الأولاد ، بلا رزق
وبلا طرق ، وبلا هادي

فصبرنا صبر الدّرب على
أقدام الرائح ، والغادي

واستنجدنا المولى حتى
لبّانا ، أسخى انجاد

***

أتحبين ابني ؟ : كلّ ابن
في الأرض ، وكلّ الأحفاد

***

عفوا ، يا عم ، أنا أم
أولاد ، الغير كأولادي