أمسية حجرية - عبدالله البردوني
كغراب ، يرتمي فوق جراده
سقطت وجعى ، تدلّت كالوساده
كنسيج الطّحلب الصيفي نمت
أعشبت فيها ، وفي وجهي البلاده
وعلى الجدران ، والسقف ارتخت
مثل فخذي مرأة بعد الولاده
تحتسبي ، تحتسبي هادئة
مثل من صار لديه القتل عاده
ترتدي الأنقاض والشوك على
جيدها من أعين الموتى قلاده
***
كنت أذوي ، باحثا عن مطلع
كان يهذي عابر ، (فرحان غاده)
سأسميه (ظفارا ) (مذحجا)
لو أتت أنّى ، أسميّها (سعاده)
هل لها ، أو هل له مستقبل ؟
هل ولدنا نحن ، في حضن الرّغاده؟
أمنت (سيجون) (بيروت) ابتدت
ترتمي ترمي ، بلا أدنى هواده
نفس ذاك الدور (يحيى) قالها :
كيف أضحى ذابها ، كبير الحداده
***
كنت أصغي … يا دجى : قافية
لمحة يعطي ، حكايات معاده
كان مخمور يدوّي : من أنا
إنني (عنترة) هاتوا القياده
ردّني (إبليس ) عن أبوابه
وثناني ، عن بيت العباده
***
كنت أفنى … كان يغزو جارة
فارس يروي ، أعاجيب الإراده
بعد مضغ القّات ، ـ فيما يدّعي ـ
يغتدي (كبشا) يعبّ الشاي (ساده)
يخطف البكرين ، من برجيهما
لبطولات الهوى ـ طبعا ـ رياده
***
حارس يبتزّ ما يحرسه
ويدين الصبح (سعدا) أو (قتاده)
راح يحكي : أنه يلقى الذي
كابد (( الفاروق)) ، في عام الرّماده
يا دكاكين … ويومي : رشوة
في عهود المال ، تزداد النّكاده
كنت أنهي الشطر … جار يبتدي
خصمة ، أشبعت للقاضي المزاده
شاهد محترف ألبسه
حضرة القاضي ، قميصا من زهاده
يستوي في الزمن السمسار ، من
يلهم الهجو ، ومن يغري الإشاده
قال لي : من أنت ؟ نذل إنني
مثله مستعمر ، باسم السياده
***
طفل جاري كان يستسقي … أنا
كنت أرجو ، لحظة حبلى جواده
***
من هنا ؟ كلب يهوهي ، هرّة
تتنزى ، منزل يشدو (حماده)
شارع يبكي الضحايا ، مكتب
يمنح الجاني ، وساما وشهاده
جثث تهوي ، بلا فائدة
خنجر دام ، له كلّ الإفاده
***
زادت الأمسية الوجعى أسى
مثل غيري لم أزد ، أنت الزياده
أترى الصرعى ؟ لهم بدء ، متى ؟
ينضجون الآن ، في جوف الإباده
كنت أفنى … لم تجب ، كنت على
زعمها ازداد ، نضجا وإجاده