خروج النوارس من مساماتِ الجرحِ - جابر أبو حسين

تأتي النوارسُ
من ثقوبِ الليلِ،
تسألُ عن مدامعنا هناكْ،
عن فكرةٍ،
كعروسِ ذاك البحرِ
لمْ تُعْرَضْ،
وقيلَ: انسلَّتِ الأسطورةُ الزرقاءُ أمسِ
كنسمةٍ
من بينِ أنسجةِ الشّباكْ.
تأتي النوارسُ من ثقوبِ الجرحِ
تسألُ عن شواطئنا الحزينةِ،
عن صدى وطنٍ،
تردّدُهُ الصخورُ،
وشارعُ الفقراءِ،
والبحرُ المسافرُ في العروقِ
كخرْزةٍ زرقاءَ
في عنقِ البلادْ.
تأتي النوارسُ
من ثقوبِ البحرِ،
تسألُ عن ممرٍّ ضَيِّقٍ
كي يدخلَ البحرُ المعتَّقُ رقصةً
من بئرِ مسعودٍ
إلى ضوءٍ بعيد في سماء المهرجانْ.
غفتِ المدينةُ طفلةً،
ترتاحُ في حضنِ التمنّي
وانتظارِ المعجزاتْ.
الصِّبْيَةُ امتلكوا القرارَ،
سينزلونَ الآنَ...
ها.. عادوا بقطعةِ عمرِهم
من قعرِ هذا الجبّ،
ما عثروا على رمّانةٍ
أو وجه يوسفَ،
وجهُهُ يبكي،
فتنفرطُ الدموعُ
على وجوهِ الناسِ
كالقمحِ المبعثرِ
في أغاني الحلمِ
يمتهنُ القصيدةَ والزمانْ.
تأتي النوارسُ
من مدينةِ شاعرٍ،
تصطافُ في الأحداقِ،
تدخلُ في ثقوبِ النايِ،
تنتظرُ المغنّي
كي يرتِّبَ
في نوافذِهِ
أصابعَهُ،
وتُطلِقُ بوحَها
للريحِ
تنسجُ ملتقاها
فوقَ أجنحةِ المكانْ.
أيقونتانْ...
يا للحرارةِ!
شاعرٌ
ومدينةٌ
يتعانقانْ.
ويُقلّبانِ رفوفَ مكتبةٍ
وشرفةَ أقحوانْ.
أهزوجتانْ...
بحرٌ وشاطئُ غفلةٍ
يتقابلانْ.
ويدخّنانِ،
ويدخلانْ.
أغنيَّةً مشحونةً،
فيقهقهانِ...
ويخرجانْ.