أنحني ليمُرَّ حزنُكِ - جابر أبو حسين

للريحِ ما طحنَ الزمانُ
من السنابلِ،
لمْ يعُدْ
في الحقلِ غيرُ الملحِ،
قدْ سقطتْ قلاعُ الشمسِ
في بئرِ السوادِ،
ونحنُ صرنا خارجَ الأزهارِ.
أينَ تسافرُ الآنَ الجبالُ؟
وأينَ تُجهِضُ قلبَها؟
آهٍ على قبري
وعينيكِ المسافرتين حولَ مدارِهِ.
عيناكِ يمطرُ كونُها
في حقلِ روحي نجمةً،
فتمدّني أفقاً خصيباً
آهِ يا أمّي
قد احترقتْ مدائنُكِ الجميلةُ فيَّ،
أركضُ في الدخانِ
وراءَ صوتكِ،
فهو يكفي كي أغنّيَ،
ثمَّ أبكيَ،
أينَ صوتُكِ؟
أينَ...؟
تخذلني الكؤوسُ،
أودّعُ الآنَ الملاعبَ،
أنحني ليمرَّ حزنُكِ،
أبصرُ الأنهارَ تسجدُ في الجروحِ،
أذوبُ في الوردِ المخبّأِ في يديكِ،
سأنحني كُرمى لدمعِكِ
مغرقاً روحي
بأوجاعِ السنابلِ
أنحني.
ولأنَّني
أخشى على الأقمارِ
من ثقلِ التهجُّدِ
أنثني،
وأطوّفُ القمرَ المشاكسَ،
حولَ غيمِ الروحِ،
أصرخُ بالتفرُّدِ
يا نديمي دلّني.
ولأنّني
أخشى عليكِ
من المكاتيبِ الحزينةِ،
أجَّلتْ قيثارتي
موتي؛
مسافةَ قريةٍ
وقصيدةٍ أُخرى.
تطلُّ على يديكِ،
تطرّزانِ
على مناديلِ المدَى
عمري؛
فأركضُ في الزمانِ
وراءَ صمتكِ،
فهو يكفي
كي أغنّيَ،
ثمَّ أدخلَ في المناديلِ الغزيرةِ غيمةً،
ورمادَ آهٍ
في الممرِّ المُدْمِنِ،
يا قلبَ أمي
دلّني.