ولادة - جابر أبو حسين

لكوخٍ صغيرٍ‏
على نهرِ حزني‏
نوافذُ...‏
للشّمسِ والريحِ والأنبياءِ...‏
يجيئونَ من عتمةِ الجرحِ،‏
يلقونَ في القشِّ‏
نارَ التحيَّةِ،‏
يشتعلُ الكوخُ بالشِّعرِ‏
من جملتينِ،‏
تعرَّى المغنّي‏
ليدخلَ‏
في الصورتين‏
مسافةَ قلبٍ‏
نشرناه في خاطرِ النهرِ‏
أرجوحةً‏
للصباحِ المعلَّقِ في بابِ حُلْمٍ‏
يُحلِّقُ فوقَ حبيبينِ طفلينِ‏
في الجرحِ،‏
حلمٌ يراوغُ،‏
يندسُّ كالوهجِ‏
بينَ دماءِ تلالٍ من البرتقالِ،‏
وعشبٍ كثيفٍ تنامُ الصبايا على ضفَّتيهِ؛‏
فيكبرُ حتّى يغطّيَ عريَ الينابيعِ‏
والطرقاتِ‏
التي توصِلُ الطيرَ ليلاً‏
إلى بابِ بيدرهنَّ؛‏
أعلِّقُ حزني عليهِ.‏
صراخُ الرياحِ‏
سيحملُ روحَ بذارِ الخطيئةِ‏
قبلَ مباركتي للسنابلِ‏
والأرضِ؛‏
من سرّةِ الضوءِ‏
يُولدُ شعري،‏
وتأتي الحياةُ؛‏
ومن غُنْجِ عصفورةٍ‏
حولَ منقارِ عصفورِها‏
أستمدُّ الحوارَ،‏
ومن مخزنِ اللغةِ المستجيرةِ بالقمحِ،‏
أملأُ جعبةَ كلِّ قصيدةِ نجمٍ شقيٍّ‏
يلقِّح أرضَ الخرابِ‏
بزيتونِ أحلامِنا‏
خارجاً من دمٍ‏
في جبالِ الحداثةِ‏
أو كوَّةٍ في جدارِ السجونِ.‏
ولن تستطيعَ القصيدةُ‏
أنْ تقتلَ المتنبّي،‏
وإنْ حاصرتْهُ العبيدُ،‏
وفاجأهُ الغادرونَ،‏
وأبعده الحاسدونَ؛‏
سيعلو النشيدُ،‏
ويصبحُ للجرحِ ديوانُ شعرٍ،‏
وللخيلِ رقصٌ،‏
ولليلِ نجمٌ جديدٌ،‏
وللسيفِ حدٌّ جديدْ...‏
وللحبرِ لونُ الخلودْ.‏