القسم الثاني : أيقونة لأجراس الحبر أرملة الينابيع - طالب همّاش

فيروزُ راهبةٌ تطرّزُ في غيابِ الشمسِ‏
قمصانَ الحنانْ‏
فيروزُ رَشُّ الغيمِ بالنعناعِ،‏
تلويحُ النوارسِ‏
وهي تسحبُ شالها الورديّ‏
ناثرةً حبيباتِ الغروبِ الحمر‏
في شفقٍ من الرمانْ‏
فيروزُ أغنيةٌ لتنويمِ العصافيرِ الصغيرةِ‏
في ضفائرِ طفلةٍ‏
نسيتْ قبيلَ النومِ أن تستأذنَ المذياعَ‏
كي تغفو‏
فراحَ الخوخُ يسقطُ فوقَ سلتها الحزينةِ‏
من دموعِ الريحِ‏
لكنّ الثعالبَ كالبروقِ السودِ‏
تضربُ في شمالِ الليلِ طبلَ السنديانْ‏
فيروزُ أرملةُ الينابيعِ التي‏
فكّتْ ضفائرها‏
لتركضَ في دروب القمحِ‏
نادبةً خريفَ الأرجوانْ.‏
تسبيحةٌ معجونةٌ بالدمعِ‏
فوقَ محارمِ العشاقِ‏
زقزقةُ الطيورِ على طلوعِ الفجرِ‏
عاشقةٌ على الينبوعِ‏
تغزلُ من حريرِ دموعها المذروفِ‏
ثوبَ زفافها الباكي..‏
وعاشقةٌ تقصُّ جديلةَ الريحانْ‏
ونهوضُ أغنيةٍ من النومِ‏
الأناملُ وهي تنزفُ فوقَ أوتارِ الكمانْ‏
وتثاؤبُ الموالِ فوقَ المهدِ‏
ركضُ غزالةٍ في الفجرِ‏
شجرةُ سمسمٍ في العيدِ‏
لابسةً وشاحَ الأقحوانْ‏
فيروزُ خمسُ أناملٍ بيضاءَ في شَعْرِ القصيدةِ،‏
غيمةٌ طارتْ إلي الهندِ البعيدة‏
من تلالِ الأرزِ‏
كي تتزوّجَ الفقراءَ..‏
واسمُ صبيّةٍ منسيّةٍ في دفترِ العشاقِ‏
تأخذهُ الغريبةُ‏
كي تحوكَ حروفهَ الثكلى‏
على سجّادةِ النسيانْ‏
صارتْ مناديلاً لمن غابوا،‏
وأقماراً لمن عشقوا‏
وأجراساً لمنْ ضلوا الطريقَ إلى المكانْ‏
لكأنها تلميذةٌ نسيتْ أنوثتها على المرآةِ‏
وانصرفتْ لتوزيعِ الرسائل‏
في طريقِ العينِ مثلَ حمامةٍ‏
فيحبّها ساعي البريدِ‏
ويذهبان إلى سهولِ البيلسانْ‏
وهي الرسائلُ بين نافذتينِ‏
مشرعتينِ خلفَ الليلِ‏
شالاتٌ تلوّحُ من أعالي الصيفِ‏
سنبلةٌ تربيها اليمامةُ‏
كي تصيرَ أميرةَ الأحزانْ‏
يا صوتها نايٌ‏
ينقّرُ حنطة الروحِ الحزينةَ‏
من ترابِ العمرِ..‏
مزمارٌ يحلّقُ في فضاءِ الحزنِ،‏
توبةُ دمعتيْ قمحٍ وخبزْ‏
يا صوتها‏
غصنُ الزغاريدِ الذي ينمو على الشباكِ‏
كي تبقى الصبيةُ خلفه‏
مخطوبةً لرحيل أسرابِ الإوزّ‏
ماذا أسمي الشهوةَ البيضاءَ في دمها؟‏
وخفق يمامتين مع الغروبِ،‏
وزرقةً مائيّةً في روحها؟‏
فيروزُ أيلولٌ يمطّرُ في نهارٍ مشمسٍ‏
ودموعُ موسيقى‏
يسرّحها حمامُ الحزنِ‏
في حقلِ الأرزْ‏
وحفيفُ أنسامٍ تهبُّ على‏
خريفِ الروحِ‏
كي يتمايلَ التفاحُ‏
دربُ الذاهبينَ إلى حصادِ القمحِ‏
والجيتارُ مرفوعٌ إلي أفق الغناءْ‏
وهلالُ صومٍ راحلٍ‏
يطوي مناديلَ الغيومِ البيضِ..‏
مشمشةٌ تعرّشُ فوق أكواخِ المحبينَ‏
الأنوثةُ في تنهُّدِ روحها..‏
أيقونةُ الفقراءْ..‏
وهي الأمومةُ في زمانِ الحزنِ‏
صوتُ الناي مبتعداً إلي أقصى الليالي،‏
جثةُ العصفورِ تبكي فوقَ أشجار العذابْ‏
فيروزُ رجعُ الحبِّ،‏
أجراسُ المواويلِ التي‏
يمشي الغريبُ وراءها‏
ليقولَ: يا ليتَ الشبابْ!‏