أرملة الأربعين - طالب همّاش

وترمي إلى أفقِ الحزنِ‏
كلتا يديها،‏
وتحنو بكاملِ صدرها‏
فوقَ وجهِ الغريبِ!!‏
حبيبي!!!!!!‏
مكحّلة بالظلامِ الأشدّ سواداً،‏
ومجروحة بالغناءِ البعيدِ‏
على درجِ الليلِ‏
تفردُ للحبّ أحلى يديها،‏
وترخي ضفائرها في مهبِّ النحيب!..‏
هي الساحليةُ في الحزنِ،‏
والقرويةُ في الحبِّ،‏
والبدويةُ حين نزفُّ السحابَ‏
إلى أرزة في الجنوب.‏
هي الحزنُ قبل صعودِ البكاءِ‏
إلى نخلةِ الروحِ‏
راعيةُ القبراتِ الثكالى على النهرِ‏
مسقيةٌ روحُهَا بالدموعِ،‏
ومشتولة بالثلوجِ أناملها الخمسُ‏
تخرجُ من زبدِ البحرِ بيضاءَ‏
مثل الأغاني،‏
لتتهمَ الفجرَ بالزرقةِ الأنثويةِ‏
في ناهديها اليتيمينِ‏
ثم تميلُ كأيقونةِ الصمتِ نحو المغيبِ!..‏
**** ‏
وترمي بكلتا يديها إلى أفقِ الحزنِ‏
هامسة:‏
أنا امرأةُ الليلِ،‏
شهرُ رحيلِ الحساسينِ،‏
أرملةُ الانتظارِ اليتيمةُ بالحبِّ!!‏
أين حبيبي؟!!.‏
فرَدْتُ سنابلَ شعري‏
ليقطفَ أجملَ خصلاتهِ السودِ،‏
أحرقتُ روحي بخوراً‏
ليشتمَّ رائحةَ الحزنِ من شجراتِ انتظاري،‏
وملتُ بأهدابي السودِ نحو الدموعِ!!‏
أيا سيدَ الحزنِ طالَ غيابُكْ!‏
وكرّرني الموجُ يوماً فيوماً‏
على صخرةٍ في الغروبِ‏
إلى أنْ غدوتُ قميصاً من الدمعِ‏
شقّ يديه ليهدلَ‏
فوقَ سفوح انتظاركْ.‏
أيا سيدَ الحزنِ طالَ غيابكَ‏
حتى سئمتُ وملّ الغيابْ.‏
أنا المطرُ المرُّ‏
فوقَ صخورِ الفراقِ،‏
حفيفُ الورودِ على ركبةِ الثلجِ،‏
سنبلةٌ للعذابْ!!.‏
أُصيخُ إلى الريحِ سمعيْ‏
وأنصتُ للكلماتِ التي‏
تتفتّحُ في تربةِ الروحِ‏
وا أسفاه فحبّيَ ليس سوى‏
نغمةٍ ضائعهْ‏
يقطِّعُها في الليالي الحزينةِ‏
زمرُ السرابْ!!.‏
وليسَ حنيني إلى الحبّ‏
غير عصافيرَ زرقاء‏
يصطادها كلما خيَّمَ الليلُ وهمُ الغرابْ.‏
ولكنني الآنَ ألمحُ طيفَ الغيابِ على السروِ،‏
أسمعُ في الليلِ رجعَ صداه الحزينِ‏
سأشعلُ قنديلَ روحيْ وأدعوهُ‏
كي يتأمّلَ أغنيتي،‏
وزغاريدَ عينيَّ فوقَ حبالِ الكرزْ.‏
سأشعلُ في عتمةِ الليلِ روحيْ‏
وأدعوهُ يا سيدَ الحزنِ طالَ غيابكَ عني!‏
تأمّلْ صفاءَ النجومِ بروحي،‏
وسيفَ المواويلِ‏
وهو يقصّ غُيومي اثنتين... اثنتينْ!‏
جعلتكَ حزنيْ مردّدةً رجعَ أجراسكَ السودِ‏
لا الروحُ نامتْ ليسهرَ قلبي وحيداً،‏
ولا الريحُ عادت بحنطةِ روحكَ نحوي‏
لأنخلَ كلَّ عذابيَ فوقَ بياضِ الطحينْ!‏
كأنَّ السنين التي زوّجتني مرارتها‏
هي نفسُ السنينِ التي نصبّتني‏
على عرشها المتقادمِ أرملةً‏
خلفَ نافذةٍ الأربعينْ.