أعياد الطحين - طالب همّاش
فقراءُ يا مولاي!
يا مولاي كلُّ حقولنا قمحٌ،
وشمسُ غروبنا منسيةٌ
وسياجُ ضيعتنا مواويلٌ وصفصافٌ حزينْ!
ودروبنا متروكة لتلف حولَ الدارِ
مثلَ الياسمينْ
***
همْنَا بسنبلةٍ فخلّتْ عطرها فينا
وأسرينا وراءَ النهرِ كالعصفورِ
نشربُ ظامئينْ
***
مولايَ محنيّينَ تحتَ الريحِ
كالشجرِ المعمّرِ
كلما هبّتْ علينا الريحُ
نغفو متعبينْ
***
في الليلِ تغزلُ كلُّ عاشقةٍ حمامتها،
وتطلقُ في فضاءِ الحبِّ أغنيةً
فيطلعُ من كنائسِ حزنهِ العالي
هلالُ العاشقينْ
***
مولايَ تلكَ جرارنا
ملآنةٌ دمعاً
وتلك بيوتنا عرزالُ زيتونٍ وتينْ
***
الأرضُ من ألمٍ
ونحنُ حفاتُهَا
نمشي عليها متعبينْ
***
في صيفنا يتزوّجُ الفلاّحُ شَجْرَةَ سمسمٍ
ويموتُ في عيدِ الطحينْ
***
منا الحساسينُ الصغيرةُ
والطيورُ البيضُ منا ريشها
ونجومنا من روحنا
نرنو إليها تائبينْ
***
كم نحنُ عشاقٌ
وأبناءٌ لهذا الناي،
للقمر الذي نمشي وراءهُ تائبينْ
في الصيفِ يسهر تحت شرفتنا الهلالُ
وفي الخريفِ تقومُ (فيروز) بكلّ غنائها الشفّافِ
فاردةً ذراعيها
لأيلولَ الحزينْ
***
وصبيّةٌ خلفَ الزفافِ
تطرّزُ المنديلَ بالفرَحِ المقصّبِ،
والخيوطِ الخضرِ
والحبِّ الجميلْ
***
فتذوبُ في لحنِ الخيوطِ حياتها
وتسيلُ ألوانُ المحبّةِ سلسبيلاً
سلسبيلْ
***
لا يتركُ الفلاّحُ أيّ حمامةٍ
إلا ويكتبُ اسمها
مثلَ الأغاني
في كراريسِ الهديلْ
***
لا يتركُ الناطورُ أيّ سحابةٍ
إلا ويلبسها ثيابَ الصيفِ
من نَسْجِ الأصيلْ
***
لا يرجعُ الراعي إلى أوقاتهِ
إلا ويغمسَ ريشةَ الأشعارِ
في حبرِ المغيبِ
مُعتّباً للشمس موّالَ الرحيلْ
***
مرّتْ علينا في الخريف
إوزّةُ الثلجِ الحزينِ
وعلّمتنا أن نصلّي
كلما غنّى حمامُ الحزنِ
في شطّ النخيلْ
نعطي لكلّ غمامةٍ في صيفنا ثوباً،
لكلّ حمامةٍ من روحنا
إسما جميلْ
***
ما أوجعَ المزمار يشردُ فوقَ سطح ديارنا
وقتَ الغروبِ مرجّعاً لحنَ الغيابْ!
***
والليلُ يمطرُ فوقَ سهرتنا
قصاصاتِ الأغاني
من قماشِ اللوزِ
كالذهبِ المذابْ
***
فبكلّ أغنيةٍ كتبناها بكينا
إنها أرواحنا
تبكي على وترِ الربابْ
***
قمرٌ على أيامنا يبكي
ويذرفُ دمعه الفضيّ في كأسِ الشرابْ
***
ما نحنُ إلا دمعة
إن أقبلَ العصفورُ يشربُ نهلةَ الظامي
ومحبرة لرسامِ الدواري
في مناديلِ الصبايا الذاهباتِ إلى العنبْ
***
للخبز في أيامنا طعمُ الدموعِ
وللدموع بليلنا طعمُ البكاءِ
وللبكاءِ بعمرنا طعم الرطب