تلويحة العاشق - طالب همّاش

مولاي إن الروحَ ترقصُ‏
كالحمامةِ في الهديلْ!‏
***‏
نشوانة بالخمرِ في ديّارةِ الأجراسِ‏
أيقظها إذن مولاي بالتَّسبيحِ‏
عودُ الندّ محترقٌ،‏
وهذا النهدُ في ظمأ‏
ينامُ على بياضِ الحلم كالقمرِ الجميلْ!‏
***‏
فانشرْ على ليلي هلالكَ يا نبيّ الصبح‏
في هذي السكينة‏
كي أسبّحَ باسمكَ العالي،‏
وأهتفَ في سواد الليلِ:‏
يا قدوس يا قدّوس‏
طابت نفسي الثكلى،‏
وطابَ الموتُ في هذا الجمال المستحيلْ!‏
***‏
أنا من رأيتُ حمائماً بيضاءَ‏
تهدل عن يمينِ الليل،‏
والأسرابَ سارحةً كآياتٍ من الأشعارِ‏
في صدرِ المدى الشفافِ‏
تهجسُ يا حبيبي!‏
ورأيتُ في أُفق الليالي‏
سارحاً مثل الهلالِ العذبِ في الأصيافِ‏
ذيّاكَ الحبيب مع المغيبِ.‏
***‏
أنا من رأيتُ سحابةً في الصبحِ‏
ترضعُ طفلة شقراءَ دمعتها‏
وتقطرُ بالحليب.‏
وأنا الذي شاهدتُ امرأةً‏
يصيّرُ قلبها طيرُ الإوزّ يمامةً‏
عند الصباحِ‏
ويسرحانِ على غديرِ الماءِ‏
عذراوينِ من قمرٍ ونيلْ!‏
***‏
فارسمْ بريشتكَ الحنونةِ‏
في بياضِ النهدِ سوسنةَ الحليبِ الحلو‏
وارفع سيفكَ المجروحَ في هذا الجمالِ المستحيلْ!‏
***‏
رقصتْ حماماتُ الديارِ‏
على سريري،‏
واستعادَ الحبرُ ريشاتِ الهديلْ.‏
***‏
قم أيُّها المعشوقُ‏
واسقِ عريشةَ الروحِ العليلةِ..‏
ربّها بالطلّ‏
واتركها تعطّرُ قلبك الباكي‏
كزهرِ البيلسانِ الغضّ في نهد جميلْ!‏
***‏
مولاي هذا الطائرُ البريّ‏
ينقرُ حبّةَ الرمانِ من روحي‏
فما أحلاهُ..‏
عذباً، مسكرَ النقراتِ‏
يرميني بماءِ الوردِ‏
والعنبِ المخَمّرْ.‏
وتقومُ امرأةٌ من الحناءِ‏
ترقصُ (كالموسيقى) في المدى المخضرّ‏
تاركةً دمَ النبّاذِ‏
يصنعُ خمرةً ذهبيّةً‏
ويجمّرُ الرمانَ كالذهبِ المجمّرْ.‏
***‏
فأحارُ أيّهما أشدّ‏
الرندُ وهو ينمّ عن شهواتها‏
أم أطلسُ الجسدِ المطيّبِ بالبنفسجِ‏
والمعطّرْ؟‏
***‏
جسدٌ من النيلوفر الريّانِ‏
يرقصُ عارياً وسطَ البخورِ‏
فيوقظُ الريحانَِ،‏
والعطرَ الخفيّ لخمرةِ الحزنانِ،‏
والقمرَ النحاسيّ المقمّرْ.‏
***‏
جسدٌ يطلّ كأنه الشمسُ الصغيرةُ‏
في المدى النشوانِ..‏
مغسولاً برقراقِ الدموعِ..‏
يهزّ أثداءَ البنفسجِ فوق مهدكَ‏
كي تنامْ.‏
***‏
يا أيُّها البدرُ الحرامْ!‏
***‏
هذا جمالكَ مشرقٌ كالصحوِ‏
مغروسٌ كحدّ السيفِ في خصرِ الغمامْ!‏
***‏
يا شمعدانَ الفضّةِ البيضاءِ‏
ذيّاك السفرجلُ – نهدها المبيضّ-‏
من سوّاهُ من شغفٍ‏
تباكر صبحه نجدٌ وشامْ؟‏
***‏
والقمحُ ذاك القمحُ‏
من ربّاه كالخصلاتِ‏
في صدرِ الصبيةِ‏
كي يشفّ عن الحفيفِ العذبِ‏
في شجنِ الهزامْ؟‏
***‏
في النصفِ من شعبانِ‏
يصفو الليلُ‏
تصفو خمرةُ الحزنانِ‏
فاذهبْ أيُّها الكرّامُ خلفَ الناي‏
إنكَ عاشقٌ..‏
واجلسْ بنسكٍ تحتَ أجراسِ العنبْ!‏
***‏
واذهب كأنكَ آخر العشّاقِ‏
تحرسكَ العرائشُ،‏
والرنينُ العذبُ للأقمارِ‏
في صيفٍ من العاجِ الأليفِ،‏
وأُمسياتٍ من ذهبْ!‏
***‏
واذهبْ بعيداً‏
إنما ليلي كنائسُ فضّة..‏
وناووسي قصبْ.‏