ثاكلتي الأخيرة في الحياة - طالب همّاش

ريحانةً للثلج كي أبكيْ على أيقونتيْ‏
يا طائرَ الصلواتِ!‏
ناياتٌ لتبسطَ راحتيّ إلى النجومِ‏
بشهوةٍ بيضاءَ كالريحانِ..‏
زيتونٌ لأعصرَ دمعتي حزناً‏
على ضلعِ الفراتِ!‏
كأنّ كلّ حمامةٍ أختيْ إذا هدَلتْ،‏
وكلّ إوزةٍ روحي إذا شردت‏
وكل سحابةٍ سوداءَ ثاكلتي‏
الأخيرةُ في الحياةِ!!!‏
أيا فراتَ الدمعِ!‏
ما ناحتْ على الزيتونِ عاشقةٌ‏
لنرثيها‏
ونذْكُرَ أننا صفصافُ!!‏
ما اتكأتْ على الينبوعِ عذراءَ النبوّةِ‏
كي نشرّدَ روحنَا في مائها الصافي‏
ونشعرَ أننا أطيافُ!!‏
واأسفاهُ يا أشعارُ!!‏
واأسفي على كلّ المواويلِ التي‏
كَبُرَتْ على صدري،‏
وأرضعني حليبَ نواحها المزمارُ!!‏
واأسفي على رجع الأغاريدِ‏
التي حملتْ إلى أرواحنا وجعَ السحابِ،‏
وهدْيَةُ الباكي‏
فراحتْ كالخيولِ البيضِ‏
تتبعُ عمرَنَا الأشعارُ!‏
واأسفاهُ يا أشعارُ..‏
هل أبكي على جرحِ النواعيرِ‏
التي انتظرتْ هلالَ القمحِ صيفاً كاملاً؟‏
كيما أردّ الريحَ عني‏
حين يثكلها العواءُ!!‏
وهل أتوبُ إذا اغتسلتُ بضحـوةِ تعبى،‏
بكاملِ صفرتيْ‏
في النبعِ كالعذراءِ؟!!..‏
كي تأتي البلابلَ من جذوعِ الدمعِ‏
حاملةً قميصَ الموتِ من أجلي‏
كأشرعةٍ من الحسراتِ!!!‏
أو تحبو دوالٍ من بكاءاتِ العنبْ‏
كيما تسرّحَ روحها الثكلى‏
على شَتْلاتِ حزنيْ،‏
وتعصرَ دمعهَا حزناً على ضلعِ الفراتِ!!‏
كأنّ كلّ حمامةٍ أختي إذا هَدَلَتْ‏
وكل سحابةٍ سوداءَ‏
ثاكلتي الأخيرةْ في الحياة؟!!‏
أكلما صفصافة ذرفتْ على جسَديْ‏
تمائمَ روحها الصفراءِ‏
جاءتني السنابلُ من هديلِ القمحِ‏
نحو خريفها المجروحِ‏
تقتل نفسها ..‏
كحمائم ثكلى على ضريح الروحِ‏
وانتصبت ذئابٌ سبعةٌ‏
تعوي على جبل الحدا العالي،‏
وتجرح بالعويلِ المرّ منديل الضبابِ! .‏
أكلما أيقظتْ قافيةً لأجلسَ قربها‏
فرّتْ فراشاتُ المدى الأعمى‏
إلى شَمْعِ الرسائلِ‏
كالشحاريرِ الضريرة‏
واختفتْ مثل السرابِ؟!.‏
سأتركُ الأيامَ نائحةً إذن قربيْ‏
لأبلغَ آخرَ الخمسين‏
في هذا الخريفِ‏
أكلما طالَ الغناءُ‏
وصارَ للعشاقِ وحيٌ خلفَ أهدابِ القرى‏
صِرْنا سحاباً للسحابِ؟ ..‏
فنحنُ حزنٌ كلما ناحَ الحمامُ‏
على السطوحِ‏
ونحنُ نخلٌ كلما مرّ الحداةُ ..‏
وسالَ زيتونٌ كدمعِ العينِ مجروحاً‏
على ضلع الفراتِ‏
فلا صبيةَ كي نزيّنَ هدبها بالقمحِ‏
لا امرأة ستأتي من شمال جمالها‏
لتنامَ كالأشجارِ فوق قبورنا التعبى،‏
وتشرعَ للخريف- خريفها الباكي-‏
جدائلَ شعْرها السوداءَ‏
واأسفي على قمرٍ غسلتُ قميصُهُ بالحزنِ‏
فامتلأتْ بأحزاني الجرارُ‏
وصابحتْ وجهي صبايا الماء‏
يزرعنَ المناديلَ الصغيرة‏
في دروبِ الصبحِ كالأسرارِ‏
واأسفاهُ يا أشعارُ.. .‏
ضَمّ الحزنُ زهرته..‏
وفوقَ صلاتيَ البيضاءِ هرَّ الجلنارُ!! ..‏
وسالَ زيتونٌ كدمع العينِ مجروحاً‏
على ضلع الفراتِ!!‏
كأنّ كلّ حمامةٍ أختي إذا هدلتْ‏
وكل سحابةٍ سوداءَ‏
ثاكلتي الأخيرةُ في الحياةْ!