جداريةٌ للأيقونات الثلاث - طالب همّاش
لليلِ وحشتهُ ... وللريحِ النحيبُ.
في أيِّ ديجورٍ
تحدّقُ روحُكَ الثكلى،
وفي أيّ الديارِ
تركتَ قلبكَ ياغريبُ؟
تبكيكَ ناياتٌ محطّمةٌ،
ويشنقُ نفسَهُ
في ليلكَ القمرُ الحبيبُ!
يا أيها الولدُ المشرّدُ
بين أحزانِ الأمومةِ والرضا
إن الحماماتِ التي طيّرتها قبلَ الرحيلِ
قضتْ،
وعادَ البيتُ يوحشهُ المغيبُ.
ولقلبكَ المجروحِ
رجعُ حدائهمْ في الروحِ
يابْنَ الدمعِ أينكَ منهمُ؟
البيدُ بينكمُ،
وتقطيعُ الرباباتِ الكئيبُ!
أسفاً عليك
على غيابكَ يا غريبُ!
قد صرتَ منفردَ الأغاني
يابْن قافيةِ البكاءِ
تميلُ شمسُكَ للغروبِ كفيفةً
وذئابُ حزنكَ لا تؤوبُ.
كبرَ الذينَ تحبّهم،
يابْنَ الطفولةِ!
والغيومُ السودُ راحت خلفهم
تبكي،
وشيخُ الحزنِ أدركهُ المشيبُ!
هل ذقتَ طعمَ الخمرِ يا مولاي!
في صبحٍ من الرمانِ؟
أم هل ضمَّ جفنُ الفجرِ زهرتكَ الصغيرةَ
فامتلأتَ بعطرها الباكي...
وراحَ الكأسُ من وَلهٍ يذوبُ؟
أسفاً عليكَ على غيابكَ يا غريبُ!!
*****
كمْ قلتَ أنكَ لن تودّعهمْ
وودَّعتَ الترابَ
وودَّعوكْ.
وبكيتَ خلفَ السورِ
حتى ازدادَ حزنُ القمحِ حولكَ،
واستفاضَ الأقحوانُ
وما رأوكْ.
*****
ومررتَ تسألُ عندَ بابِ الدارِ
عن زمنِ الطفولةِ
لم يعدْ صوتُ الأذانِ
يحيطُ ليلكَ بالسنونو،
لم تعدْ في موقدِ الخلاّنِ نارُ،
تركوا رسائلهمْ وساروا!
وأتيتَ كالحطّابِ
تسألُ عن جذوعِ العمرِ
لا حورٌ لتحطبَ فضلةَ الأحزانِ،
لا شجرٌ على دربِ الغروبِ،
ولا عرارُ،
ألماً على ألمٍ تشرّدكَ الرياحُ
كأنك العشاقُ ما افترقوا
وراحوا في فيافي الليلِ موّالينَ
فابتعدوا، وأخفاهم مزارُ.
***
لا تبكِ يابْنَ الريحِ من زمنٍ
وداعٌ كلّها الدنيا وداعُ.
تعبَ البكاءُ على يديكَ
وأسبلتْ أجفانها الأيامُ
والأحزانُ في الدنيا مشاعُ
يا وارثَ الخسرانِ من ذرفِ الدموعِ
لقد رآكَ الليلُ منفرداً
"وشمَّ الذئبُ" يأسكَ
والضباعُ.
هملتْ عيونكَ دمعها
ألماً على فَقْدِ الديارِ
أيا رفيقَ الحزنِ من يأويكَ
من يرمي عليكَ رداءَهُ لتنامَ،،
والأهلونَ ضاعوا؟!
أرضعتَ من ثدي المناحاتِ الجريحةِ
قطرةَ الدمعاتِ
حتى أوحشتكَ الأرضُ من دمها
وأغراكَ الضياعُ؟
لكأنما الرمانُ يزهرُ في براعمِ
روحكَ البيضاءَ مكفوفاً،
ويسقطُ في خريفِ غيابكَ
النايُ المضاعُ.
لوكنتَ من "حمصٍ"
لما جفَّ الغناءُ،
ولا رمى الغرباءُ
قلبكَ بالدموعِ
ولا استطاعوا