حراسة هيكل الذئب - طالب همّاش

ولم ينتهِ الحزنُ‏
مازلتُ أسمعُ صوتَ ربابٍ ضريرٍ‏
يرجّعُ في وحشةِ الليلِ‏
رجعَ مراثي الحياةِ،‏
وريحاً طشاشينْ!‏
تشرّدُ أحزانَهُ الهاشلاتِ بأشباحها،‏
وترحِّلُ أرديةَ الروحِ‏
قارعةً بالضجيجِ المجوّفِ‏
كلَّ المواعينْ.‏
وأسمعُ قلباً وحيداً‏
يحدّقُ في ظلمةِ الأرضِ من فرجةِ البابِ‏
أسمعُ نوحَ القبورِ المشرّدَ‏
يشتدُّ عبرَ مهبِّ المناحاتِ،‏
والليل يسودُّ تحتَ سياطِ الخماسينْ.‏
شتاءٌ من الدمعِ‏
تحتَ جناحيهِ يهدلُ طفلٌ مريضْ..‏
وتحدبُ أمٌّ على قبرها في العراءِ،‏
ووحشةُ موتى بعيدين.‏
ووحدي أخوضُ مثلَ الجنازةِ‏
في عزلةِ الغابِ،‏
أرجمُ بالشؤمِ صدرَ القرى كالغرابِ‏
أنا الذئبُ، قلبُ الحياةِ المهيضُ،‏
وجدولهُ المرُّ‏
والانتحابُ المريرُ لحزنِ المساكينْ.‏
أشقُّ ضريحَ النعاسِ‏
بصوتي المحدَّبِ فوق الهضابِ:‏
أغيثوا حدادي الطويلَ!.‏
وأعوي على فطرةِ الأنسِ‏
مثل المجانينْ.‏
ولم ينتهِ الحزنُ‏
مازلتُ أطوي سوادَ الليالي‏
على ندميْ،‏
وأرامحُ فزّاعةَ الانتظارِ العجوزِ‏
أنا الذئبُ أنحتُ من خشبِ الحورِ‏
تمثالَ حزني‏
وأهجعُ خلفَ خريفِ السلاطينْ.‏
أنا المتألمُ في الريحِ‏
من دون إثمٍ ولا أملٍ،‏
والأشدُّ نحيباً على نطفةِ الثلجِ‏
أعبدُ هذا العراءَ المعفّرَ بالثكلِ‏
لكنني لا أرى حملاً واحداً‏
ليذكّرني بالنبوّةِ‏
كلٌّ يحاولُ ليلى‏
ليقتصَّ من ضلعها‏
ماجناهُ عليهِ أبوهُ‏
ووحدي أصيحُ بريئاً من الدمِّ‏
إني بريءٌ!!‏
فلا ليلَ يسمعُ رجعَ ندائي فيأوي دميْ،‏
أو تبرّئني من عذابي الطواسينْ.‏