برونق سوح العلى المطلق - أبو الهدى الصيادي

برونق سوح العلى المطلق
رفعت سما قبة الرونق

وأيدت شأن معاني الغيوب
بجعفر برهانك الأوثق

فلولاك قيد بطون الهدى
لأهل المظاهر لم يطلق

ولولاك يا سيد المرسلين
حديث الحقائق لم يصدق

ولولاك مطموس مضمونها
ببحت العناية لم يشرق

ولولاك دائرة البارزات
بذيل التكون لم تغلق

ولولاك مضمار مكنوزها
اقام مع العدم المحرق

ولولاك أنواع ذراتها
مع العين في النشيء لم تخلق

ولولاك جسم منيع الكمال
بنبل الإصابة لم يرشق

ولولاك عسكرا علم الشؤن
بألبابنا قط لم يحدق

ولولاك ألسن أهل القبول
بزمزمة الشكر لم تنطق

ولولاك مسك معاني الفتوح
لأهل الحظائر لم يعبق

ولولاك موج بحار الرضا
على حامل الوزر لم يدفق

ولولاك نسمة شكل الوجود
بأنف المظاهر لم تنشق

ولولاك ثوب لوا المعجزات
لدى ساحة الكون لم يخفق

ولولاك باب الكريم الرحيم
بأيدي العواجز لم يطرق

ولولاك ذكر الآله العظيم
وحقك ما دار في منطق

ولولاك ما جال معنى الفيوض
على طارق قط في مطرق

ولولاك في بطن نسج الخفا
بنات المعارف لم تعلق

ولولاك طم منار الهدى
من الجهل والغي في خندق

ولولاك بارق صدر العلوم
بأفق الفهومات لم يبرق

ولولاك فجر نظام الظهور
ووجهك ما لاح في الأبرق

ولولاك ما صاح طير القبول
على غصن بان الحمى المورق

ولولاك ظل مدار الوصول
بفيفاء سينا الخفا المغلق

ولولاك ما قام في الكائنات
مقام لمعنى الهدى الأصدق

ولولاك بما حن نحو الحجاز
قلوب فطارت على الأينق

ولولاك ما قر طور الرقو
بطور على المشهد الأبلق

ولولاك أمر الحكيم العليم
بسبق الإرادة لم يفرق

ولولاك يا علة الحادثات
بها سابق الأمر لم يسبق

ولولاك وجه صنوف الفهوم
بماء حيا العلم لم يعرق

ولولاك فتق صحاف العقول
بخيط المعارف لم يرتق

لك العظم المحض قبل الوجود
فقمت بنمط البها الأشرق

ونورك يا شمس كون الأنام
يشعشع في الغرب والمشرق

وخيل عزائمك الطائرات
إلى حضرة القدس لم تلحق

وأنت سبرت ببحر الغموض
عقود حمى قعره الاعمق

وأنت بمشهد جمع الشهود
فرقت وجمعك لم يفرق

وفي موج وحدة أنس الوصال
غرقت من الرجل للمفرق

وحدقت سابح طرف العيان
فطال سماء العمى المطلق

وحليت رمز معاني الكتاب
بشكل وفضلك لم يسبق

ونسقت آيات مجلى البيان
بحال لوقتك لم ينسق

ومن ماء علمك روض الجلال
ونبت جمال التجلي سقي

واقبل منك مليك الجمال
يميس بحلة إستبرق

ومنك استفاض الندا المرسلون
وكل ولي تقي نقي

نعم أنت علة خلق الورى
ولولاك ذا الخلق لم يخلق

تنظم في آدم العالمون
فكنت لهم سلك نظم وقي

تحدرت من طيهم ناشرا
لمن جاء منهم ومن قد بقي

وقمت على رفرف الإرتقا
بدرع سنا المظهر الاليق

وأطلعت ضمن الهبوط الصعود
بإنسان آدمها المحدق

تخيرك الله من آدم
فما زلت منحدرا ترتقي