أجل طرف اعتبارك في الزمان - أبو الهدى الصيادي

أجل طرف اعتبارك في الزمان
تر عجب العجاب بلا توان

مشى متبهنسا ينساب لؤما
وجاوز لدغه طعن السنان

تلمظ بعد أن أكل الأعالي
بنضنضة وحال إلى الأداني

تعاتبه الخصال الغر عمن
أخاف وحقهم كل الأمان

فأعرض مثل ذي صلخ وبكم
فقيد السمع معقود اللسان

لحا الله الزمان فقد تعدى
ونام فلا غفت عين الزمان

رآى الرسل الكرام به البلايا
وضيق دونهم رحب المكان

مصيبة آدم لما تدلى
لعالمه مفارقة الجنان

وهرق دم ابنه وفراق حوا
غني لو فقهت عن البيان

وما دهم الخليل بيوم نار
من النمرود فصل في القرآن

وقصة يوسف وأبيه فيها
إشارات رقيقات المباني

وموسى من يدي فرعون ما قد
دهاه من الأذى والإمتحان

ومريم وابنها ما عاركاه
يكل لشرحه قلم البنان

وتاج الرسل من بالجسم وافى
مقاما فوق هام الزبرقان

وخاطبه الجليل على بساط
وأكرمه هنالك بالعيان

طوى الأيام وهو على حصير
وكسرى فوق عرش من جمان

على فرش من الديباج حيكت
بها قطع اليواقيت الثمان

يلقم وهو كلب النار زاداً
له اتخذت من الذهب الأواني

حفته الملوك بلا نزاع
كأن بناره نعم الجنان

وقاتل أحمدا قوم غلاظ
وصالوا بالرديني واليماني

وقد شجوه لا كانوا بسهم
ونالوا من ثناياه الحسان

دعاهم للهدى فبغوا عنادا
كذلك طبع ذي الغدر الجبان

لقد أحي ببعثته البرايا
وأعلى الدين في إنس وجان

ولاقى الله متعوبا بصبر
عليه تشهد السبع المثاني

وصاحبه أبو بكر توفي
على أخلاقه ثبت الجنان

رجاة همة وصحيح عزم
وقدر حط عنه النيران

وعقل ساس فيه الملك حتى
قضى والملك في سوح الأمان

وفضل دونه الأصحاب طرا
وبعد الرسل لم يعطي لثان

وظل على بساط الفقر بين
المسير والرسوب الهندواني

يعاني عبء أعداء لئام
وضيق يد وحسبك ما يعاني

ومولانا أبو حفص إمام الصحابة
شيخهم قاص ودان

أمير ذوي الهدى عمر المعالي
سراج المرسلين بكل آن

ومن شهدت بهمته البرايا
وقام الدين فيه بعنفوان

وآخر قيروان الغرب أهدت
بخطبته ثناه لأصفهان

وسار العدل منبسطا بشكل
كسا العدوان ثوب الزعفران

وسربل تحت منبر المعلى
عثور الظلم مقطوع البنان

وأراده بخنجره عبيد
لئيم قدتطيلس بالصنان

فمات وقد نعاه الغرب حزنا
وعن ألم بكاه المشرقان

ولم يجمع له أدمان يوما
رضاء بالحلال على خوان

وذو النورين من لمعت عليه
من الصهر الشريف الزهرتان

ومن جمع الكتاب بخير حفظ
وشأن عز عن إدراك شان

شهيد الدار محمود المزايا
رفيع القدر ممدوح المعاني

سقاه زمانه كأسا أليما
يرق له فؤاد القهرمان

وقد تركته والأسياف روح
دنت من مقعد الصدق المصان

وسيدنا علي ذو الأيادي
إذا دهم الوغا بالزعزعان

يخب بمكفر دم الأعادي
وحاصل ضربهم كالتهتهان

ويضحك إذ يلاقي الموت علما
بأن الموت يصرع في أوان

إذا ما قسطل نشرته زرق
الحوافر فوق أبطال الطعان

وثار عقنقل البيداء حتى
غشاها حين جلجل بالدخان

رأيت لدى الصفوف أبا حسين
عمود الصبح قام بطيلسان

أذل جحا جح الكفار حطما
بسيف هابه قلب الكيان

وفي الصفين من صفين سارت
مآثر بطشه للنهروان

فعلم جل عن حصر وعقل
يقاد للفظتيه العسكران

ومجد دونه الميزان حدا
وسبطاه بذاك الشاهدان

وقد ملأ البلاد هدى ورشدا
تعطر من شذاه العالمان

وجندله ابن ملجم وهو خبل
دني الأصل من حسب مهان

سقاه بسيفه كأس المنايا
وأردى الليث غدر الثعلبان

وصارت درة الرأس المفدى
مخضبة العناصر بالدهان

وعن سبطيه كوكبي المعالي
سل الزهراء أين الفرقدان

فقد كانت لنورهما مقاما
بتوليا محيطا كالقران

فهذا مات مسموما وهذا
بكته بكربلاء الشعريان

وكان أبوهما سهم التجلى
وأنهما لديه الأبهران

وما حفظ الزمان لهم عهودا
على الإيمان راسخة المباني

بهم سر النبوة قام قدما
وهم لنظامه كالترجمان

جرى حكم الكتاب على يديهم
وحكمته فطاب الخافقان

وكدر عيشهم زمن لئيم
به يعلو الغطارفة الغواني

وعدد بعضهم آلا وصحبا
وأتباعا مصابيح الأمان

ولا تنس الملوك الشوس من قد
أناخت تحت ظلهم الأماني

ترى أن الزمان بغى عليهم
وبانوا بين مقهور وعان

فكيف يؤمل الفضلاء فيه
غياثا من فلان أو فلان

وسيرته بأهل الفضل ما قد
رأيت وذا بديهي البيان

أجل إن المكارم والمساوي
لديه كما شهدنا ضرتان

وظلما طلق الأولى فأنى
يصح لأهلها منه التداني

فكن بالصبر مدرعاوسلم
أمورك للكريم المستعان