رفعت عن مضمر الأسرار أستار - أبو الهدى الصيادي

رفعت عن مضمر الأسرار أستار
كما طويت لذي الأسرار أسرار

وكنت بحبوحة السر القديم وفي
تنويع معناه إظهارا وإضمارا

وكم جلى منك في نشء الغيوب ضيا
فأشبع الكون أحوالا وأطوارا

وصرت قبل انجلا نور البروز إلى الآثار
في هيكل التعداد مضمارا

وقد تدليت اصلا سابقا ومن الكنز
الفروعي درا كنت مختارا

أطلعت من صبحك السامي الشريف على
عليا سموات أهل الحق أقمارا

وعتمة الشك قد ولت بنور هدى
من شمس شدك في دور الورى دارا

فأنت روح بني الدنيا وعين بني الأخرى
وأعظمهم شأنا ومقدارا

وأنت أحمد سادات الوجود ومصباح
السعود وأوفى الرسل أنوارا

محمد الخير بمحمود الخصال أحيد
الخلق أعلى الورى خلقا وآثارا

بسطت ذكرا جميلا ركب مدحته
في كل فج عميق طيب سارا

وأقسم الله تعظيما بعمرك في القرآن
قدما كما ناداك جبارا

فدمت بالله جبارا وكنت به
معنى حساما من الاقدار بتارا

فكم جبرت بقرب الله منكسرا
وكم كسرت بقهر الله جبارا

وكم كشفت حجابا دون طيته
تطوى العزائم إيرادا وإصدارا

وكم رفعت وضيعا ذل مسنده
وكم وضعت بسهم الخذل كفارا

لك انجلت دولة القدس التي عظمت
مجدا وفي سرها عقل الورى حارا

وبت في الخلوة العليا نزيل حمى الرحمن
تكسب قرآنا وأذكارا

ونلت وقتا مع المولى رقيقته
مخصوصة فيك إفصاحا وإسرارا

ولم تزل في حضور من حضائر ذات
الله ترشد غيابا وحضارا

وكل سطر بلوح الغيب خط عمى
فككت مضمونة علما وإخبارا

وفي دنا وتدلى سر ما كذب الفؤاد
اثبت سرا منك سيارا

وفجر هديك في ليل الوجود بدا
فعم بالنور أنجادا وأغوارا

لك الفخار انجلى قدما وآدم في
مهد التكون شكلا كان فخارا

وقبل نشأته الأولى وصبغته
نورت في الملاء القدسي ابصارا

وبأس عزمك كم آثاره نشرت
من عالم الطي أحكاما وأدوارا

ما الخيل ما الليل ما البيداء ان قفلت
بالجند ما الأسد الضاري إذا ثارا

ما الدهر ما البحر ما الدنيا وضرتها
إذ كلهم بجناح منك قد طارا

آيات عزك في الصحف القديمة قد
خطت وسيبك عطفا أحمد النارا

كشفت باللطف كرب العاجزين فما
سواك يصرف أقدارا وأكدارا

ها أنت عين العمى الغيبي واسطة الأكوان
لله إرشادا وإنذارا

نسائم الفضل من علياك سارية
وقد روت عنك للأملاك أخبارا

طوعا وكرها لك انقاد العوالم فالبرهان
قد صح إقرارا وإنكارا

وفي رحابك لاذ المرسلون ومن
جدواك نالوا سحاب الفوز مدرارا

ومن علومك يا طه افضت لهم
بحرا من المدد العلوي زخارا

وسر جودك في بر الوجود سرى
فاستوعب الكون أكنافا وأقطارا

لذاك أصبحت جار العطف منك ولي
ظن جميل وحاشا تهمل الجارا

غوثاه يا سيد السادات خذ بيدي
فلن أرى لي أعوانا وأنصارا

وضاق ذرعي وقلت حيلتي ووهي
صبري ومني ماء العين قد فارا

وقد كلفت قوى والهم أوهن لي
عظمي وسلطان حظي بالضنى جارا

فانعم علي بعطف واكفني نكد الدنيا
وكن موئلي في الحشر إذ صارا

أتيت ارجوك نور القرب منك وقد
صحبت ليلا من الآثام ستارا

حاشاك ترضى بذلي والفضيحة إن
حق الحساب وخاف الناس أوزارا

فامنن بحل عقالي عل بعدئذ
اقضي بفضلك مما رمت أوطارا

وانظر بمرحمة حالي وجد كرما
لي بالقبول وجرد عني العارا

أدرك أبي وبني عمي وعائلتي
بلفتة يا أعز الخلق أنظارا

فنفحة من ندا كفيك إن منحت
أغنت ولم تبق إقلالا وإعسارا

إليك يا اشرف الرسل التجأت ومن
حسناك أملت إعزازا وإظهارا

صلى عليك عظيم الفضل بارئنا
ما طاب ذكرك تكرارا وتذكارا

وحزبك الطيب العالي الذي سبق الأكوان
مجدا مماليكا وأحرار

وآلك الغر أهل البيت ما نشدت
رفعت عن مضمر الأسرار أستارا