إلى السموأل عبر العصور - إبراهيم الأسود

إذا المرءُ لم يدنسْ من اللؤم عرضهُ
و عـضـهُ كلبٌ لم يُـنـجِّـسه عـضُّـهُ
وإن سُلبت من بعد ثوبه أرضُهُ
فكل رداء ٍ يرتـديه جميلُ
.
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمَها
و ضاقت به دنيا تجهَّمَ غيمَها
وعاب على هذي الأعاريب نومَها
فليس إلى حسن الثناء سبيلُ
.
تعيرنا أنا قليلٌ عديدنا
و هـيـضَ بنا واستعـبـدَتنا عبيـــدُنا
وأن لم نجد يوماً كريماً يقودُنا
فقلت لها إن الكرام قليلُ
.
وما قلّ من كانت بقاياه مثلنا
لو انـّـا تسامينا على منطـق الأنـــا
فهذي أعادينا وقد أحسَنوا البُنى
شباب تسامى للعلى وكهولُ
.
وما ضـرَّنا أنا قليلٌ وجارُنا
أبـيـحت له أعراضُـنـا و ديــارُنـــا
فإنسانُنا في قيدهِ و حمارُنا
عزيزٌ وجار الأكثرين ذليلُ
.
لنا جبل يحتله من نجيرهُ
أجـاره مـنـا للـعـدوِّ أجـيــرُهُ
لتشقى رعاياهُ و يبقى سريرُهُ
منيعٌ يرد الطرف وهو كليلُ
.
رسا أصلُه تحت الثرى وسما بهِ
غـرورٌ و قد كان امرءاً غيرَ نـابــه
طغى و بغى لما علا من حجابهِ
إلى النجم فرعٌ لا يُنال طويلُ
.
هو الأبلقُ الفرد الذي شاع ذكرهُ
كما شاع ذكرٌ للطواعين ِ يُكـرهُ
وبالرغم أذعـنّا وقد صار وكرُهُ
يعزّ على من رامَهُ ويطولُ
.
وإنا لقومٌ لا نرى القتل سُبةً
و إن جعلتنا أرجُل القوم كـبـّةً
ولسنا نرى أن نلبس العز جُبـّةً
إذا ما رأته عامرٌ وسَلولُ
.
يُقرِّب حبُّ الموت آجالنا لنا
لأنا سئمنا وطأة الهم والعنا
و ينأى جوارُ الله عن ولَد الزنا
وتكرهه آجالهم فتطولُ
.
وما مات منا سيدٌ حتف أنفهِ
و لكن برشاش الأمير وسيفهِ
و ما قام منا ذو بلاء ٍ بحيفهِ
ولا طُل منا حيث كان قتيلَ
.
تسيل على حد الظباة نفوسُنا
ظباتٍ بأيد ٍ ماهراتٍ تسوسُنا
بواحٌ لها أرواحُنا و فلوسُنا
وليست على غير الظباةِ تسيلُ
.
صفونا ولم نكدُر وأخلص سرُّنا
رَكبنا رُكبنا لم يعد ذا يضرُّنا
سِماحٌ على الوجهين لله درُّنا
إناث أطابت حملنا وفحولُ
.
علونا إلى خير الظهور وحطَّنا
وفاءٌ لمن كان اعتلانا وغطَّنا
فأعجبه استسلامُنا فتوطّنا
لوقتٍ إلى خير البطون نزولُ
.
فنحن كماء المزن ما في نصابنا
عصيٌّ على ما نابنا من عُصابنا
ولم يعلُنا يوماً لأجل اغتصابنا
كهامٌ ولا فينا يُعد بخيلُ
.
وننكر إن شئنا على الناس قولَهمْ
وإن لم نطُل شيئاً يقاربُ طَـوْلَهمْ
ولم ينطقوا يوماً لنا السبقُ أو لهمْ
ولا ينكرون القول حين نقولُ !
.
إذا سيدٌ منا خلا قام سيدُ
علينا حَريباً يستبي و يـقـيـِّد
له من رؤوس الشعب صرحٌ مشيَّدُ
قــؤول لما قال الكرام فـعـولُ
.
وما أخمدت نار لنا دون طارق ِ
ولا أوصِـدت أبـوابُـنـا دون ســارق ِ
ولا نستحي من رفع بيض البيارق ِ
ولا ذمّنا في النازلين نزيلُ
.
وأيامنا مشهورة في عدونا
فـمـا أرضـنـا حــلٌّ لــه دون جــوِّنــا
نخـيـفُ سراياهم بصورةِ بـوِّنـا
لها غررٌ معلومةٌ وحُجولُ
.
وأسيافنا في كل شرق ومغربِ
على وسط لـصٍّ أو بكـفِّ مـهــرِّبِ
وسوءاتُنا اللهم صلِّ على النبي
بها من قراع الدارعين فلولُ
.
مـعـوَّدةٌ أن لا تُسلّ نصالُها
على حِـر ِ أنثى أو يشقَّ مبالُها
ولا تُنتضى يوم الهياج ِ طوالُها
فتغمد حتى ستباح قبيلُ
.
سلي إن جهلت الناس عنا وعنهمُ
ولا تهمسي من بابَةِ الهزء من همُ
هم فاعلمي ضرب من الناس مبهَمُ
فليس سواء عالمٌ وجهولُ
.
فإن بني الريان قطبٌ لقومهمْ
وكلُّ بقاع الأرض مَرعى لسوْمهمْ
وكلُّ ابن أنثى غيرهم ليس بالمُهـِمْ
تدور رحاهم حولهم وتجولُ