كما شئتَ يا شعر... - إبراهيم طيار

كما شئتَ يا شعرُ أنتَ الحَكمْ ملكتَ يدي وملكتَ القلمْ
أمرتَ فكنت الأمير المُطاعَ وكانتْ حروفي لديكَ الخدمْ
هجرتَ فقلتُ:عتابُ صديقٍ ظلمتَ فقلتُ:حبيبٌ ظَلمْ
وكابرتَ قلتُ:كبيرٌ وحقُّ الكبيرِ على المرءِ أن يُحترمْ
كما شئتَ خذ من فمي الجّمرَ والنّارَ واتركْ رماد الأسى والندمْ
وذكرى الصّهيلِ الذي كانَ يوماً على شفتيّ يَصبّ الحِممْ
وحزناً لهُ ابيّضتِ الكلماتُ وقلباً رأى ما رأى فكظَمْ
وروحاً يمرُّ مرورَ السّحابِ ويسكبُ أحزانهُ كالدّيمْ
*
أأرضيكَ يا شعرُ؟ كيفَ السّبيلُ إلى ثغركَ الضّاحكِ المُبتسمْ؟
أشحتَ بوجهكَ عنيّ كأنّي وَترْتكَ في الحجّ عندَ الحرمْ
أبحتَ دمي دون بيّنةٍ وحَكمتَ ولستُ أنا الُمتّهمْ
رويدكَ إن كنتَ أنتَ الذي يُمسكَ الصّولجانَ فلا تنتقمْ
ولا تَظلمّنَ فلي نفسُ حُرٍّ أبيٍّ يثورُ على مَن ظَلمْ
وحاذرْ فإنّي إذا ما تماديتَ واخترتَ حربيْ فلن أنهزمْ
أصابعُ كفيّ تطولُ حراباً إليكَ ولا شيء منكَ عُصمْ
وزندكَ في قبضتي إن أردتَ النجاةَ نجا أو أردتَ قُصمْ
ورأسكَ أينعَ يومَ القطافِ فلا تَعجبّنَ إذا ما صُرمْ
*
أأرضيكَ يا شعرُ؟ ويحكَ من أنتَ غيرَ الرّضيعِ الذي ما فُطمْ
تعاندني في القِماطِ فكيفَ عقوقكَ لي إنْ بلغتَ الحُلمْ
سأرضيكَ يا شعرُ فافهم كلامي إذا ما اشرأبّتْ رماحُ الكَلِمْ
وهبّت رياحُ الجّنونِ عليكَ وكرّت جيادي بدونِ لُجمْ
وفارق سيفي غمدي وعادَ إلى الغمدِ يقطرُ دمعاً ودَمْ
سأرضيكَ عهداً عَليّ وكلّ عهودي نافذةٌ كالقَسمْ
*
أيا شعرُ كلّ الذي كانَ بيني وبينكَ مِن صلةٍ قدْ فُصمْ
وكلّ الذي كنتَ تَعمرهُ مِن سدودٍ لسيلِ الجّنونِ هُدمْ
أخي أم أبي؟ كنتَ..كنتُ وإنّي نسيتُ أخي وقَطعتُ الرّحمْ
نزعتكَ كالروحِ من جسدي ثمَّ أحييتهُ من حضيضِ العدمْ
وسرتُ إلى حيثُ كانَ الرّدى وألقمتهُ بئسَ ما يُلتقَمْ
ترجّلْ إذا شئتِ عن صهوةِ البَرقِ تسلمْ و يا سعدَ من قد سَلِمْ
ودعني أقاتلُ وحدي فإنّي أنا الشّعرُ في جسدٍ ينتظمْ