العذراء الخائنة - بدوي الجبل

أحببتها ساخرة كالرؤى
مبهمة غامضة كالظنون

مجنونة و الحسن لم تكتمل
فتنته إلاّ ببعض الجنون

طروبة ضحّاكة كالصّبا
كئيبة قاتمة كالمنون

اليأس في أجفانها و المنى
و الضحك في ألحانها و الأنين

و خفّة الأيّام في ثغرها
لكن بعينيها وقار السنين

قد مزّق الفجر و لم تثنه
شفاعة الحبّ و نجوى الفتون

غلالة شفّافة عذبة
على لماها من رؤى الحالمين

تثير في قلبي شكوك الهوى
لاذعة ثمّ تريد اليقين

هيهات قلبي قد غدا كافرا
و كان فيها أوّل المؤمنين

يا صورة أبدع تكوينها
في مطلع الفجر إله الفنون

و نغمة من بعض ألحانها
همس اللّيالي و ارتعاش الغصون

و نفحة لله عطريّة
ندّية حيّا بها البائسين

و زهرة أخشى على حسنها
من خطرة الفكر و نجوى العيون

لا تخدعيني إنّني عالم
بما تبينين و ما تكتمين

أرى على خدّيك فيما أرى
بألف لون قبل العاشقين

من قبلة خائنة مرّة
و قبلة وادعة في الجبين

و قبلة حمراء مثل اللّظى
و قبلة بيضاء مثل اليقين

تأبين إلاّ محو آياتها
و هنّ يا ليلاي لا يمّحين

***

لا تنكري حبّك لي إنّني
أستشهد الريحان و الياسمين

و النهر إذ تنظر أمواجه
لا أستحي منها و لا تخجلين

و الأيكة الخضراء إذ أبصرت
تبذّل الحسن الشهيّ المصون

و أنّه بحت بها للدجى
فعطّر اللّيل عبير الأنين

دامية موجعة وقّعت
ألحانها يمنى الرّجيم اللّعين

سأسكب الدمعة فيها الأسى
و الشعر و الحبّ الشجيّ الحزين

لعلّني يشفع بي عندها
هذا الهوى الباكي و هذا الحنين

سا صورة أبدع تكوينها
في مطلع الفجر إله الفنون