جمرة الدنيا - بدوي الجبل

عهد عليه من الضحايا رونق
ألحق من لبناته و المنطق

بنت الدموع به فمكّن صرحه
جرح ينزّ و عبرة تترقرق

و دم سقى ظمأ الصباح ففجره
ثمل و مشرقه نديّ مشرق

و زكا فعند الغوطتين تحيّة
منه تمرّ على الصخور فتورق

من خالد أو من عهود أميّة
ما انفكّ يزكو بالشام و يعبق

و حلفت قد كتب البقاء لها دم
قان و عهد للحليف و موثق

***

رافقتها من أربعين تصونها
و تردّ عنها النازلات و تشفق

تفني شبابك في الشام و حبّها
و شبابها في جدّة لا تخلق

غسّان جنّ بها و هام أميّة
و هفا إليها الهاشميّ المعرق

لم ينصفوا لمّا شكوا نزواتها
هي جمرة الدنيا تضيء ة تحرق

تبغي المزيد من الصبّابة و الهوى
و تلحّ لا تحنو و لا تترفّق

فاعذر إذا ملكت هواك فإنّها
و أبيك أملح من يحبّ و يعشق

***

من مبلغ عنّي الرئيس قصيدة
تحمي الثغور فكلّ بيت فيلق

و أنا الذي غنّى الشام فهزّها
منه البيان العبقريّ المونق

دلّلت محنتها بسحر قصائدي
أيّام يستحذي الكميّ فيطرق

و جبهت بالحقّ العنيف عدوّها
و عدوّها ثمل الضغائن أخرق

ألقى الأذى فيها و أطرب للأذى
فمشرّد حينا و حينا موثق

رنت العيون إلى جلالك خشّعا
و البدر يلثم في العيون و يرمق

حوّطته باسم النبيّ و آله
ممّن يفيء إلى الظلام و يرشق

في موكب تتدفّق الذكرى به
و الخيل في جنباته تتدفّق

مروان آب إلى الحمى فتزيّنت
للقائه بعد القطيعة جلّق

و كأنّ فتحا من فتوح أميّة
حملت بشائره الجياد السبّق

***

ذاك البناء تكاملت أجزاؤه
إلاّ طرائف في يديك تنسّق

و يزيد في حسن القصور و سحرها
فنّ يرفّ إطارها و يزوّق

إن تعي بالزمن الطويل فربّما
صحب الأناة الصّانع المتأنّق

إنّ الأولى محضوك صفو و لائهم
غير الألى محضوه و هو مرنّق

من عرفت بلاءه و وفاءه
أهوى فأسرفت في هواي و أصدق