الحبّ و الله - بدوي الجبل

تأنّق الدوح يرضر بلبلا غردا
من جنّة الله قلبانا جناحاه

يطير ما انسجما حتّى إذا اختلفا
هوى . و لم تغن عن يسراه يمناه

ألخافقان معا فالنجم أيكهما
و سدرة المنتهى و الحبّ : أشباه

أسمى العبادة ربّ لي يعذّبني
بلا رجاء و أرضاه و أهواه

و أين من ذلّة الشكوى و نشوتها
عند المحبّين عزّ الملك و الجاه

تقسّم الناس دنياهم و فتنتها
و قد نفرّد من يهوى بدنياه

ما فارق الريّ قلبا أنت جذوته
و لا النعيم محبّا أنت بلواه

غمرت قلبي بأسرار معطّرة
و الحبّ أملكه للروح أخفاه

و ما امتحنت خفاياه لأجلوها
و لا تمنّيت أن تجلى خفاياه

الخافقان _ و فوق العقل سرّهما
كلاهما للغيوب : الحبّ و الله

كلاهما انسكبت فيه سرائرنا
و ما شهدناه لكنّا عبدناه

أرخصت للدمع جفني ثم باكره
في هدأة الفجر طيف منك أغلاه

و أسكرتني دموعي بعد زورته
أطيف ثغرك ساقاها حميّاه

طيف لشقراء كاس من متارفه
لو لم أصنه طغى وجدي فعرّاه

حمنا مع العطر ورّادا على شفة
فلم نغر منه لكنّا أغرناه

تهدّلت بالجنى المعسول و اكتنزت
و الثغر أملؤه للثغر أشهاه

نعبّ منه بلا رفق و يظمؤنا
فنحن أصدى إليه ما ارتشفناه

في مقلتيك سماوات يهدهدها
من أشقر النور أصفاه و أحلاه

و رنوة لك راح النجم يرشفها
حتّى ترنّح سكر في محيّاه

أطلّ خلف الجفون الوطف موطنه
بعد الفراق فحيّاه و فدّاه

يضيع عنّي وسيم من كواكبها
فحين أرنو إلى عينيك ألقاه

قلبي و للشقرة المغناج – لهفته
ليت الحنين الذي أضناه أفناه

تضفّر الحور غارا من مواجعه
و تستعير روءاها من خطاياه

أغفين فيه لماما ثمّ عدن إلى
جنّاتهنّ و قد لملمن ريّاه

يسألن باللهفة الغيرى على خجل :
من فجّر العطر منه حين أدماه ؟

لم تعرف الحور أشهى من سلافتنا
رفّ الهجير ندى لما سقيناه

مدلّه فيك ، ما فجر و نجمته !
مولّه فيك ، ما قيس و ليلاه !

من كان يسكب عينيه و نورهما
لتستحمّ روءاك الشقر لولاه

سما بحسنك عن شكواه تكرمة
و راح يسمو عن الدنيا بشكواه

يريد بدعا من الأحزان مؤتلقا
و من شقاء الهوى يختار أقساه

سكبت قلبك في وجدانه فرأت
يا عزّ ما شئت لا ما شاء عيناه

أنت السراب عذاب و قده و ردى
و تؤنس العين أفياء و أمواه