أسطورة - بيان الصفدي

قبل الفجر
كنتُ معلقاً كقنديل مطفأ
فوق بوابة الماضي
كنت نائماً
حيث لم يبقَ سوى كأس
تطفح فوقها الذكريات
ثمة شيء يحترق
ولا ماء
ثمة شيء يتجمَّد قرب يدي
ولا نار
الأيام تصهل في الظلمه
تغرس سنابكها في صدري
فجأة
كنت تشقين العتمه
عارية مثل جنيات الأساطير
مخفورة بالأيائل والأشجار
تغطينني كلحاف
عيناك اللتان ابتعدتا كثيراً عني
كانتا تشعان
كمنارات الموانئ
تسحقان جليدي كشعلتين
وشفتاك المبللتان بنبيذ الزمن
تصنعان معجزة القيامه
يداك
أطرافك
كل قبة
وكل منحدر
كل سفح
وكل مَسيل
كل انحناءة و انعطافه
كانت تطلق البراكين في ليلي
حممك تقلب أرضي
وتبعثر صخوري
لأسيل مشتعلاً فوق تراب الماضي
وعندما انحنيت فوقي
انحناءتك الأخيره
و أطلقت أنين الوحش
في غابة بعيده
أضاءت النافذة بشحوب الملائكة
ولم تستطع كفاي
لا عيناي .. ولا نوافذي
أن تغلق الليل عليك
فجأة
كنت تبتعدين كغيمه
كقطرة ندى نبهها الصباح
ما الذي جاء بك
كي تفردي جناحيك
فوق رمادي
يا صديقة الليل والريح والجنون
ما الذي يجعلك تتسللين
كعروس البحر
بعد كل هذه الدموع
كل هذا الأنين و نشيج الزمن
أية جنية سكنت روحي
وكسرت الأصداف
وأخرجتك منها
كبرق يخفق في قلبي
كشلال يخضُّ صخرة أيامي
ما أنت؟
أكاد لا أعرف هاتين العينين
و الدفء الذي يسيل بين الأصابع
يا بحيرة اللهب التي أحرقت مراكبي
يا جرس الأيام
الذي يدعوني إلى الصلاة بين يديك
كالخـُطاه
ما أقلَّ كلماتي
وما أكثرك ِ!!