حديثي - حكمة شافي الأسعد

سيتركني العمرُ طفلاً غريباً
يُعدّ الصباحُ لقامتهِ جبّةَ البردِ،
والريحُ كالشبَح ِالمستديرِ على روحهِ.
هاهنا ـ ووحيداً ـ يسير على عشبةِ الصمتِ قلبي.
( شجيٌّ هو الصمتُ ..
لا يتلعثم إنْ فاجأَ البردُ كفّيهِ في مثل هذا الصباح ِ ) الشتائيِّ
في مثل هذا الصباح الشتائيِّ تخجلُ منّي الطيورُ،
لأنّي بِلا ريشها./
هكذا جاء وقتُ الطفولة بي
زغَباً أبيضاً، تركوه على عتبات الكتاتيبِ صبحاً
يرتّلُ خلفَ عصا الشيخ ِ:
" طه َ " ..
" الضحى " ..
" الشعراء"( يقولون ما لا يصير فكيف سنتبعهمْ !)/
هكذا ..
هكذا طارَ بي زغَبي ..
أيّهذا الحمامُ ؛ إذا احترقَ الخوفُ في عتبة الشيخ ِ، دُسّ عيونَكَ في الأفْق ِ ..
في الأفْق مكتبةٌ غابَ وجهُ الطفولةِ بينَ " طلاسمها "،
وامّحى في الغبار.
هنالك؛ كنتُ أعوّدُ قلبي الهروبَ إلى غيمةٍ
أدّعيها لنفسي.
أعوّد قلبي الهروبَ ..
بلا أثَرٍ قدْ يعودُ بنا نحو ترتيلةٍ في عصا الشيخ ِ
كرّرها مرّتين ..
وجيلاً من الخوفِ يعبر روحي.
---------------------------
أرى أنْ يمرّ خيالي كزفرةِ نايٍ بخيط البدايةِ ..
صرتُ أمرّنُ حلْمي على القفْزِ بين حبال البلاغةِ
حتّى أرى زغبي عالياً ..
عالياً ..
فوق سور البدايةِ.
لا الشعرُ يغسلُ وجهَ الضبابِ الطفوليِّ عـنّي،
ولا الريحُ تحرسُ صوتي
ليعلو صدايَ على نبْرةِ الموتِ./
كأساً .. فأُخرى، إذا ما ظمئتُ،
سأرفع نخبَـكِ أيتها الأرضُ في الريح ِ
ثمّ أُديرُ على الآخرين بقاياكِ فيَّ
لأنّي اكتفيتُ من الوجع المخمليِّ،
ومنكِ ..
ومن كلّ شيءٍ يثرثرُ مثلَ النحاس، ومثل المياه ..
اكتفيتُ.
*
الجمعة 5 – 4 – 2002