الطريقَ والمعري - سليمان العيسى

أنا في الطريق إلى دمشق ،
وما سئلتُ لكي أجيبا

وورائيَ "الشهباء" يحمل
صدرها صمتاً رهيبا

وحسبتها ترمي إلى
صدّاحها .. نظراً غريبا

ومضت بنا "أرسان*"
تنتهب المسالك والدروبا

وتركّز "الحرَسي*" جنبي
كالحاً أبداً .. قطوبا

يا للحياة .. تعود بسـ
متنا بها عملاً مُريبا !!

ورميتُ طرفي للنجوم ..
نسيبةٌ لاقت نسيبا !

والدرب يوقظ في الظلام
بخاطري لحناً حبيبا

والطل يعبث بالزجاج ..
أمام أوجهنا ضروبا ..

وملابسي .. في "صُرة*"
بيضاء .. كنت بها مصيبا

أنى ارتميتُ .. وسادتي !
وائذن لنومك أن يطيبا !

هذي "المعرة" .. أيّ حلم
هز إحساسي مهيبا !

هذا خيال "أبي العلاء"
يكاد يصدمني قريبا !

هذا تمرده على
الأجيال .. لم يبرح صخوبا

...

شيخَ الخلود .. تحيةً
عجلى ، وأنداءً ، وطيبا !

هذي جراحك .. لم تزل
وطناً ، وتاريخاً سليبا

هذا الثرى العربي .. لم
يبرح - وسل دمنا - خصيبا !

زمجرتَ في وجه الفساد ..
ولم ترَ الخطب العصيبا !

لم تعرف "المستعمر"
السفاح في وطني* نيوبا

ومخالباً .. تدع الجلود
بنا .. لتحتل القلوبا

و"ظلاله" المتزاحفين
وراء أرجله .. دبيبا

ما كنت تُصدم "بالحواجز"
حيث أزمعت الركوبا

كنتَ الشروق ، متى أردت ،
وكنت في وطني الغروبا

والنيل ، مثل الرافدين ،
فلا حدودَ ، ولا شعوبا !

زمجرتَ .. لم تشهد "شمالا*"
يستباح ، ولا "جنوبا*"

شعباً برمته يباد ..
ويستغيث ، ولا مجيبا !

زمجرتَ .. دعني هادئاً
أوجِزْ لك النبأ العجيبا !

شيخ الخلود .. يكاد طيفك
عن جفوني أن يغيبا !

عُذراً إذاً .. وتحيةً
عجلى .. وأنداءً .. وطيبا

____________________

* احدى سيارات الشركة المعروفة في سوريا.

* الشرطي الذي كلف بحراسة الشاعر.

* كانت ملابس الشاعر في صرة بيضاء رافقته طوال السجن.

* الوطن العربي.

* إشارة إلى مأساة اللواء السليب وطن الشاعر.

* إشارة إلى مأساة فلسطين.