الرفيقة شهرزاد - سليمان العيسى

شهرزاد: "مرة أخرى.. تقفز من موجة على الشاطئ. وهي
تقهقه.. تقترب من الشاعر وهي تربط غدائر شعرها
المبتل بمنديل أزرق."
***
ألم تتعبْ؟
الشاعر: خيالكِ رِقّةٌ وندى
وشِعْرٌ يزرعُ الصحراء أشجاراً وريِّ صدَى
خيالُكِ..
شهرزاد: لا تضِعْ في الحُلْمِ كالأطفالْ
تعالَ.. تعالْ
هُنا في هذه الخيمة..
"تشير بيدها إلى خيمة قريبة"
سنسمع بلبلاً لم تعرفِ البيداءْ
أحبّ، ولا أرقّ غناءْ
هنا المطر الذي تشدو به الغيمةْ..
الشاعر: لقاءٌ آخرٌ؟
شهرزاد: لم لا؟
ألم تقرع علينا الباب؟
ألستَ الظامئَ الآتي إلى العنقود
يريد رحيقنا المرصود
ويحملُ في يديه الليل، والأشواق، والأكواب؟
الشاعر: من المطر الذي تشدو به البيداءُ؟
سعيدٌ من تُغني شهرزاد به
وتحمله بخاطرها أريج ثناءْ
شهرزاد: أَغِرْتَ؟
الشاعر: "ضاحكاً"
نعم!
شهرزاد: "جادة"
أُحبُّ حديثه الصافي
أحبُّ كلامه.. بعض الكلامِ غِناءْ
الشاعر: "يتذكر فجأة قصة ألف ليلة وليلة"
تمنّى الصبحُ يوماً لو يسافرُ دونما أوبةْ
ليبقى الحبُّ والغُربَةْ
ليبقى الليلُ في شَفتيْكِ أنتِ حكايةً عذْبةْ
"إلهاً" عندما أومأتِ صار الطينْ
"إله" حنينْ..
وإنساناً سوياً صارتِ الرّغبة
شهرزاد: "في شيء من العبث"
تعالَ.. تعالْ
شبابٌ أنتم الشعراءُ لا يهرمْ
وبحثٌ عن ربيعِ الحبِّ لا يسْأَمْ
وصادِيةٌ من الشكوى
تَلُوبُ العمرَ.. لا تَرْوَى
تعالَ.. تعالْ!
أحبُّ الشعرَ والأطفالْ
الشاعر: ألا ما أضيعَ العُمْرا
بغيرِ طفولةٍ يا شهرزادُ..
طفولةٍ سَكْرى!
ألا ما أفقر الدنيا!
ألا ما أحزنَ العُمْرا!
شهرزاد: "على عبثها"
حسبي لياليَّ الطِوالُ الطِّوالْ
لن أفتحَ الآنَ لأخرى الكُوىَ
لن أدخُل الليلةَ سجنَ الهوى
الشعرُ باقٍ بعدنا والجمالْ
الشاعر: "مذعناً"
إني وما تهوينَ..
شهرزاد: "في شرود"
أهوىَ - على
كثرة ما قلتُ - الذي لا يقالْ
أهوى ليالي الصمتِ، أهوى الأسى
لن أرفعَ السترَ.. مُحالٌ، محالْ!
لا تُوقظِ الأيامَ في خاطري
لا توقظِ الأشباحَ..
هيا.. تعال!
"تنطلق بالشاعر نحو الخيمة القريبة"
إلى زميلي.. في حديث المساءْ
وفي ينابيعِ الهوى والضّياءْ
يروي.. كأنّ العودَ في صوتهِ
يستيقظُ التاريخُ أيان شاءْ
إلى زميلي.. كلُّ أيامكمْ*
وشعركمْ قيثارةٌ في خِباءْ
تعرفُهُ.. ترشُفُ من كوبهِ
منذُ تعلّمتَ حروف الهجاءْ
إلى زميلي..
الشاعر: شاعرٌ؟ أيهمْ
تعنينَ؟
شهرزاد: لا، لا، لم نكنْ أدعياءْ
نحنُ سُقاةُ الخمرِ يا شاعري
نحن رُواةُ الفنّ، نحن الأداءْ
الآنَ أمضي..
"تتوارى مسرعة"
هاتِفٌ عابِرٌ
عندَ صديقي الأصمعيّ اللقاءْ
____________
* المقصود: أيام العرب في الجاهلية والاسلام.