واغرف في يديَّ الرملَ - سليمان العيسى

وتَشْرُدُ بي خُطَايَ على بِساطٍ من أساطيرِ
وأَغْرِفُ في يَدَيَّ الرمْلَ.. مَنظومي ومنثوري
وأذروهُ مع الريحِ
واسأَلُ عن مصابيحي
أَضاءَتْ ذاتَ يومٍ هذهِ الصحراءْ
ومَرَّتْ من هُنَا..
مِنْ وَهْجِ هذي التُّرْبةِ العذراءْ
وأسمَعُ في السكونِ المُرِّ وَقْعَ حوافرِ الخيلِ
تدُقُّ الليلَ، تُؤْنِسُ بالبطولةِ غُرْبةَ الليل
أَتنطَفِئُ القناديلُ التي حَمَلتْ سَنَا الأَزَلِ؟
سؤالٌ مُحْرِقٌ أطْعمْتُهُ عُمْرِي بلا مَلَلِ
سُؤَالٌ مُحْرِقٌ كالجمرْ
له غنّيتُ، قلتُ الشعرْ
له، لو عشْتُ ألفاً مثلَ هذا العمرْ،
له، لجوابهِ المُضْنِي
أقاتلُ، أضربُ الصحراءَ من رُكْنٍ إلى رُكْنِ
وأحمِلُ غُصَّتي بدمي، وأنتظرُ
ويَسحَقُ جفنيَ السَّهَرُ
وقافلتي وراءَ الليلْ
مُمَزَّقةٌ وَراءَ الليلْ
تُناديني.. ويَنْتَحِبُ الصّدى،
يَبْكي وراءَ الليلْ
خُذِي يا ريحُ هذا الرَّمْلَ، سِرُّ المُعجزاتِ هُنا
خُذيهِ.. يَضْحَكُ الأحياءُ حين أُمَجِّدُ الكَفَنا
خُذي يا ريحُ .. لستُ الآنْ
سوى مُتَشرّدٍ عطشانْ
يجوبُ قبورَنا المتَسكعاتِ على شَفَا الزَّمنِ
يَدُقُّ بقيضتَيْهِ البابْ
ويُنْذِرُ ، يُنْذِرُ الأنصابْ
ويَهْدِمُهُنَّ،
يَهْدِمُهُنَّ.. ثًمَّ يعودُ لَمْعَ سَرابْ
وتَزْحَمُني الحقيقةُ: نحنُ مُنْطَفِئونَ يا وَطني!
*
متَى، يا غُرْبَتي في أَرضِ أَجدادي؟
متى، يا بَدْءَ مِيلادي؟
تَبيعُ، يا هذهِ البَيداءْ
تَبيعُ نُضارهَا وتموتُ جائعة، تموتُ عَيَاءْ
متى يَتحرَّكُ القَدَرُ؟
مَتى يتَفجَّرُ اليَنْبوعُ فيكِ، ويَنْتهِي السَّفرُ؟