رماد الحضارات - سنية صالح

كانت تختبئ في دمه.
مع ذلك
لم يكتشفها إلا في ما بعد.
المرأة الوحيدة التي يتطلع إليها
من النوافذ والأحلام.
ثم يمضي إلى أدغاله
كالنار،
يسترق السمع إلى لهاثها،
إلى زفيرها الحار،
ثم يفرُّ مذعوراً إلى الأسواق والحمامات
إلى المواخير المكتظة
ليروي جرحه العميق.
***
من دفعها إلى عبور ذاكرته
في ذلك الوقت،
وهو يعتلي ظهر التاريخ
كيائس يبحث عن متاهة جائعة
لرجل من الثلج،
أو هشيم لرجل من نار،
ليبحث عن الروح الخيالية
التي نحسبها سجينة الجسد
وهي في الطوفان،
الطوفان الذي اجتاحه،
غيّره،
ثم أسلمه لنيرانه....
.... إستيقظي أيتها النار الكونية.
لقد استفحل الظلام
وتَوسّعت خرائطه.
أيتها النار،
في الحضيض رَجْلٌ من الهشيم يبحث عنكِ
مشى بأقدامه المحترقة
على القصائد
لتلتقط تلك الشعلة الذهبية.
وطئها وهو يصرخ بجنونك:
"موتي
موتي
لقد انتهى عهد الحب
عهد الصراخ والإبداع".
أخذ يروح ويجيء في جوفها
وقد اشتدّ أُوارُها
يرفس ألسنتها الضاربة
وهي تروي قصة الفناء.
وشيئاً فشيئاً..
صار الشعر كومة رماد،
راح يُقلّبُهُ بقدميهِ
باحثاً عن الخلود،
عن الأجيال المُسرعة
مع الغيم والضباب،
عن المرأة التي يحبّ،
لم يكن غير الرماد.
تُرَى
ما الذي ينجو من الرّماد
يا نجمة الصباح