خريف الحرية - سنية صالح

.. أيها الحب
ما الذي أيقظك.. والفجر فجر المذابح
من الذي أضرمكِ
أيتها النار الأبدية
في صدري الشريد؟
***
إيه أميون
ألا تزالين مختبئة كالقمر
على سطوح الباطون المسلح
حيث كنا نقضي سهرات الجنوح الأولى،
خائفين متلاصقين،
والرياح تغط في نومها العتيق كالرخم؟
أَمْيون
كفاك تشبثاً بالأرض
فالعالم يهجر محطات أسفارك،
يهجر الأماكن التي كنا نهتف منها للحرية.
كفاك تشبثاً بغيوم الأحلام
فالنجوم تقذفك بنيرانها..
أَمْيون..
ما أسهل اقتلاعك.
ومع كل زفير
تمضي الحياة خارج قبضة الحب.
***
..أن أحلم بك
هو أن أكتسب الجرأة على الحياة
وتمتلئ رئتاي بهواء التحدي.
من يصدق
أن روحي الشاردة
قادرة أن تعبر تلك المسافات
من الظلمة والشك
والمغامرة
لتصل إليك؟
من يصدق أنها قادرة
أن تَثقُب الأبدية،
وتصنع للقبور نوافذَ للحرية،
الحرية الممتلئة بكِ؟
وفي عملية إسراء مدهشة
في فضاء يَعجُّ بالمخاطر
يخرج خيط الروح الهارب
هائماً مع حلمه الصعب
لينسج حباً أبيض
عصياً
كالغيوم.
***
تحت ضوء القمر أحببتك
وتحت ضوء القمر أحببت الله
وأمي
وخرير الماء
الماء الحقيقي.
لكن روحي المشققة كأرض الزلازل
لايرويها شيء.
أعرف أن الحب يأتينا عَنوَةً
دون أن نتهيّأ له
وأن المشدوهين والحزانى والبائسين
واللامبالين جميعهم
يقعون فرائس للحب
كالآخرين.
حتى الأسرى،
الأسرى المساقون للموت،
الأسرى الذين انحدروا من جبال طوروس،
كانوا أيضاً يحلمون بالحب..
لكنهم ذُبحوا
وأُهملوا على السفوح.
***
.. مع هذه الويلات ينام حبي
في حفر الذاكرة
مع هذه الويلات ينتشر البنفسج الرائع
فوق الخرائط الأنثوية
ثُمّ لا يلبث أن يعبرها
باعثاً يجذوره الحية
إلى الأرض الخراب.