تخرجين من أسوار الجسد - سنية صالح

إلى شام وسلافة
أيتها العصفورة ، يا ابنتي..
الليل يدقّ أبوابَه
هل نَوَيتِ الغناء؟
ها هو العالم يدور
يُسحب قسراً من أعمارنا
ليُمنح بالمجان لِلّصوص والسّفاحين...
أضرميني يا ابنتي
جّدّيني
لقد تعفّنت في النسيان.
.. شام تقف في المقدمة
سلافة تهز شجرة الغيوم
فتسقط الدموع كلها،
الدموع التي أغفلها التاريخ،
الدموع التي أنكرتها العصور..
.. الصغار يدفنون رؤوسهم في نوافذ الأولياء
تتأرجح صُرَرُهُم؛
بعضها يسقط؛
والباقي لا يُشبع كلاب الطريق.
أما أنا، يا ابنتي،
فقد كنت أدفن نفسي في الظلام وأبكي
أية وحدة تأتيك تحت الغطاء؟!
.. ولكنك الآن، يا ابنتي،
تتكوّرين دافئة في أحضاني..
عانقيني
عانقيني
فذكرى السنين الماضية لا تُلمَس إلا بالروح
أو بورد الشفتين.
عانقيني
لقد عبرتني آلاف السنين الوهمية.
يا ابنتي، شام الملولة،
أو شام التي تَهُبُّ مسرعةً إلى العمل،
شام الإنبهارات،
لست معك،
ولن يلتقط شعري عذوبتك،
فانا مشوّشةٌ بالخسارة.
أستنجد ببراءتك، بضعفك الطفولي،
واصِلي بحرارة ويأس
كي يصير قلبي الضعيف بحجم قدميك....
.... يا سليلة الريفيات
يكتمن صراخ الولادة
ثم يقذفن بالأجنّة إلى أحواض النحاس
والجوع يقرع طبله في الأحشاء،
والفقر يُعَرّي العظام.
مع ذلك أضأتُكِ بأعظم الرغبات.
تخرجين من أسوار الجسد
ومعك أجيال يضيئها عبورك الصاعق.
إنها الولادة.
لا تخافي:
نبدأ عراكنا العظيم،
تلتقطين ظِلّي وتنهضينه،
فيهوي،
وتنهضينه،
فيهوي من جديد.
أنت أيضاً صار لك ظِلٌّ،
وصار يَهوي