جرذان التاريخ - سنية صالح

أيها التاريخ الصدئ،
أنا قمرك الهش،
فاهرب كالورق الميت.
أيها الوطن المتآكل،
أنا الجسور التي بنيت من عظام أطفالك
فاعبر
والحق بالرومان
وهم يقتفون أثر زنوبيا.
...
في فيء الأشجار الدهرية
بنيت حلمي.
في فيء القصور الغابرة،
ولدتكِ من القش
وأدخلتك غرف المستقبل.
ولكن سرعان ما هجمت قطعان عابثة،
قطعان من النعاج المذعورة،
يطاردها كبش النزوات..
وطرتِ
وتناثرتْ حجارة البيت في الفراغ،
فراغ السحر،
السحر الذي يحول الأمير إلى ثعبان
والثعبان إلى أمير،
"وكالأمراء عاش معي العاشق
حتى لَدَغَني"
...
زنوبيا بلا مأوى
مثلجة الأطراف مثلي.
والريح تعصف في الخارج،
والجياد تعيث فساداً في الجوار
مقرورة ببرد الخوف،
بينما نيرانها تدفئ الغزاة،
مقرورة ببرد غامض،
بينما نار التوقع
وجحيم الخيبة
يلتهم كل شيء.
...
جيادها تصهل،
وكلابها تعوي..
وبصمتٍ، بنيتُ لكِ قصراً منيعاً
فوق إحدى الصخور،
ومملكةً من الطحالب المخملية.
كانت عاصمتكِ فراشة من الجليد،
بيوتها صغيرة ومتشابهة،
تسير سيراً رتيباً
في سفرها الشاق والمضني.
وانعكست أضواء السقائين اللّيليين
على قصرك الخرافي
حتى امتلأ بالنجوم..
.. زنوبيا.
لقد أدارت الصحراء ظهرها السام
وانتهى الأمر ببساطة.
الدموع عكرة
وليس من نظرة حب صافية.
زنوبيا..
العالم مضاء
بنار الكلاب.