متلبسٌ بك كالجريمة - صلاح إبراهيم الحسن

أمشي ويزعجُني غبارُ مدينة ريفيةٍ في الصيفِ
أمشي من سأسأل عنكِ ؟
كنت معي ولكن أين أنت الآنَ؟
يفضحني شرودي
ليت هذا القلب أوتارٌ
وأضلاعي كمانْ
كي تلمسي جرحاً بقاع الروحِ
أصبح وردةً مثل الدهانْ
هذا سؤالي في عيون الناسِ
كانوا ينظرون إلى يميني أو يساري
حين كنت إلى يميني أو يساري
هل أنا نهرٌ وأنت الضفتانْ
.
أمشي وأهرب من سؤال العابرينَ
سيعذلوني
عاشقٌ يبكي أضاعَ حبيبةً لا تستحقُّ بكاءهُ
والعابرون الداخلون إلى شرودي
كيف أخرجهم وقد دخلوا دمي
كيما يفكّوا لغز أغنيتي
أغني
حين أبكي
حين أرقص فوق جمر قصيدتي :
إن المسافةَ نحو ثغر حبيبتي
ستكون أقربْ
لكنني أمشي على قلبي فأتعبْ
.
أمشي وأذكر أنّها كانتْ
تحبّ الشايَ مثلي,
في الصَّباح تقوم من دمها الموزّعِ في السريرِ
إلى نهارٍ ضائعٍ من عمرها
تمضي إلى روتينها اليوميّ كسلى
كالمرايا
لا يعذّبها تذكّر صورةٍ مرتْ بها
مرتْ فما مرتْ
وما قالتْ:صباح الخيرِ
إلا كي تعذّبني
وكي أرث الهزيمة في خطايْ
قدري بأني كلّما يممتُ شطر حبيبةٍ
سقطتْ حجارة أضلعي
وتهدّمتْ لغتي
وصرتُ محاصراً بعبارتي الأولى:
أحبكِ لا لشيءٍ
أو لأني لا أجيدُ مشاعري
فلقدْ نسيتُ يديَّ فوق النهد عاماً
وانتبهتُ لصرخةِ الأزهار تحت الرملِ
فارتبكتْ يدايْ
متلبّس بك كالجريمةِ
كان يمكنني اعترافٌ كاذبٌ
أني ارتكبتكِ
في انشغال الشمس في تلك الظهيرةِ
غير أني قد كرهتُ براءتي من قبلتيكِ
وها أنا أبكي عليكِ
بلا دموع
مثل نايْ
.
أمشي
ويزعجني غبار مدينة ريفية في الصيف
أمشي والشوارع تستطيل كأنها حلمٌ
فتقصرُ
ثم لا شيءٌ
فأين أنا ؟
وأين عيونها مني
كأن سنينها تعبي
ويومي
كلما قربتُه منها ابتعدْ
مرَّبي سبتٌ ثقيلُ الظلِّ كالموتى
ومرَّبي الأحدْ
لكنها
( ما أنجزتني ماتعدْ )
ما كنت مشتاقاً إليها
غير أني
لا أرى الأشياء خارج شهقةٍ في العينِ
يكسرُني تأخّرها إلى نصفينِ
نصف حالمٌ
بل واهمٌ بحضورها
والأخر المنفيُّ في الذِّكرى
يردد كلما صفقتْ رياحُ الليل باباً:
لا أحدْ
.
تموز2004