القرط الأزرق - طلعت سفر

ماباله... هذا الصغير الأزرق
يهتز مرتاع الشفاه... ويطرق!!

من حوله... يزهو الأقاح مغرّداً
وتضوع أكمامٌ... وطيبٌ يعبَقُ

سكنَتْ أَفانينُ الرغابِ بصدرهِ
هو ناسكٌ طوراً... وطوراً أحمق

ما مرةً أغضى الحياءُ بجيدها
إلا اعترى شفتيْهِ صمتٌ مطبق

وتوشّحته كآبةٌ... كصبيَّةٍ
شبّتْ وباكرها الغرامُ المونِق

يلهو به الحزن الأنيق... كأنّه
في عين ثكلّى... دمعةَ تترقرق

رامَ الوصالَ... كعاشقٍ مُتلهِّفٍ
يدُهُ بشرفة من أحبَّ... تَعَلَّقُ

لاتطمئنُ بجفنهِ سِنَهُ الكرى
فيظلُّ من نار الصبابةِ يأرَق

ينسى الوقار... إذا تثنّى أَغْيَدٌ
فيميلُ من طربٍ به... ويصفق

شادٍ... يطير به الحبورُ... كأنه
عصفورةٌ... بين الغصون.. تُسْقسِق

يشقى به الجيدُ المدلَّلُ... فهو لا
يرتاحُ من تعبٍ... ولا يترفّق

أدلاهُ شوقٌ من علٍ... فكأنّه
شلال فيروز.. هوى يتدفّق

قد سَرْبلتْهُ... صبوةٌ مجنونة
أشقى من الطفلِ الغريرِ.. وأنزق

لا يعتريه من الزمان مشيبُهُ
يمضي.. ويبقى للطلاوة رَوْنَق

أُرجوحتانِ... من الحنينِ بأضلعي
يحدوهما في الحب.. قلبٌ شَيَّق

أمسافراً‍‍!!... والياسمين دروبه-
حتّام أنتَ مغربٌ... ومشرّق؟!!

وإلامَ تأخذك الصبابة... والمنى؟!
أفلا أضرَّبكَ المسيرُ المرهق؟!!

الماءُ حولكَ... والظِلال نديّة
والشمسُ ماتعةٌ... فلِمْ لا تُورِق؟؟!!

إني لأعجب... كيف تبقى مبحراً
في لُجّةٍ عبْرِ السَّنى.. لا تغرق

جاوَرْتَ لبَّاتٍ... فأنَّقَكَ الهوى
من ذا يجاورها... ولا يتأنَّقُ؟!!

ياعالقاً.. والسهدُ يجمع بيننا
إني كذاك بمن أُحب... مُعلَّق

إن كنتَ في ظل الوصال مُنَّعماً
فأنا إلى أفيائه... أتحرَّق

مازلتُ مجنون الفؤادِ... ولم أَزَلْ
أهفو.. كما يهفو الفراشُ.. وأُحْرَقُ

ما اهتزَّ - مذ درج الهوى في مهجتي
إلا سنابلُ من عذابٍ... تخفق

نَزَحَ الجفاءُ المقلتيْنِ.. ولم يدَعْ
إلا مساحِبَ تلتقَي... وتَفّرَّق

فاذكرْ لها أيامَنا.. فلعلّها
ترضى... وعلَّ فؤادها يتَشَّوَقُ

*

9/12/1997