الأفق المحترق - طلعت سفر

يا ضيعة... قد سلا تلاتها العبق
يحمر أفق عشاياها... فتحترق
يظل يكوي الضحى العاري ضفائرها
حتى ينام على أحضانها الغسق
فكل بئر بها... قد أصبحت نَزَحاً
وكان يُخشى على مرتادها الغرق
ترحّلتْ بسمات الأُنس من زمن
وصار يمرح في أجفانها الأرق
فأين غيماتها اللاتي إذا وقفت
مشى بساط على وجه الثرى... أنِق
كم ألبستْها نوافيراً معلقة
طافت حقول بها.. وانسدت الطرق
وأين صارت مزاريب... مثرثرة
إذا بكت ضحك النسرين والحبق؟!
وأين ساقية ولهى... تغازلها
كف النسيم... ويجلو خدها الألق؟!
تظل تبكي هواها... وهي جاريةٌ
حتى يخبئها في حضنه الأفق
تأوي إليها رفاف الطير... مبكرةً
حتى تضيق بها الأغصان... والورق
وتستحم فراشاتٌ ملونةٌ
بمترف الطيب حيناً... ثم تنطلق
في أبحر الحب... تستلقي مراكبها
فكل ليلِ بأعراس الهوى... غرق
كم دار بي في الحواري عطر آنسةِ
وخفَّ ـ حتى تعبتُ ـ اللهو.. والنزق!!
وكم تفيأت بالصفصاف... منتظراً
من في تلفتها... يستوطن الأرق!!
أحلى اللقاءات... حاكتها مواعدنا
وأجمل القبل البيضاء... تسترق
تخبئ الطرقاتُ الخضر... ما تركت
على جوانبها... آهاتُ من عشقوا
كم كان فوق سطوح الأهل من سمرِ
يندى ببسمة من أهوى... ويأتلق!!
ترابها.. صار مرآةً يرن بها
صدى السنين... ووجه الأمس مؤتلق
تكاد آصاله... والأمسيات به
ترنو إلي... فللذكرى به حدق
مازال يطفر في ساحاتها لعبي
ومن جنوني على جدرانها.. مزق
فكم غدوت... وعين الشمس ناعسةٌ
حتى رجعت... وثوب الليل يحترق!!
متى تعود ظلال النعميات إلى
تلك البيوت... وينأى الهم.. والقلق؟!!
*
7/1/2001