هكذا تكلم قميصها - عامر الدبك

ق1
..
قال :
خذني
فأنا من سندسٍ
واستبرقٍ
من حكمةٍ
سكنَ الحلمُ نسيجي
من شفاهِ الوردِ
أحضرتُ أريجي
..
ق 2
نسجتني فتنةٌ
حتى أصلّي
في مساماتِ الجسدْ
عمدتني
بالرحيقْ
وسقتني الخمرَ
من نهر الأبدْ
..
ق 3
قال :
خذني
واغترفْ
عطرَ مساماتي
وسحري
فأنا من عرق النهدين
خمري
فكَ أسراري
وسحري
فأنا من قبلها
ما كنتُ أدري
أيَّ أمرٍ
بعدها
أدركتُ أمري
..
ق 4
أنا الذي
أشفُّ عن بريقها
وسحرها
ونورها
أشفُّ
عن براءة البياضِ
في سريرها
أشفُّ
عن تنهداتِ صدرها
أشفُّ
عن حريرها
أشفُّ
عن أحزانها
أشفُّ
عن سرورها
..
ق 5
أنا الذي
من رعشةٍ إيماني
ومن غيومٍ
أُنسلتْ خيطاني
أشفُّ
عن جزائرِ المرجانِ
عن أغنياتٍ
من ندى الريحانِ
أشفُّ في عتمِ السرير ْ
عن الضياء
وعن مسافات الزمانِ
أشفُّ عن كونٍ تجلَّى
ليس كالأكوانِ
عن رحلةٍ فيها الرؤى
تمتدُّ في الوجدانِ
أشفُّ
عن فراشةٍ مزهوةِ الألوانِ
..
ق 6
قال :
ارتدتْني
فاهتديتُ إلى وجودي
بعدما أوغلتُ
في العصيانِ
هي أوجدتْني
بعدما أيقنتُ
أنّي لا محالةَ فانِ
هي علمتْني
كيف أستلقي
على جسدٍ من النيرانِ
خذْني
وفكَ خيوطَ ذاكرتي
التي عادتْ من النسيانِ
..
ق 7
كلُّ خيطٍ من نسيجي
رعشة
ورحيقُ
فعلى الصدرِ
حماماتُ سلامٍ
أيقظتْها
زفرةٌ
وشهيقُ
أحتوي النهدين دفئاً
ثم حولَ الخصر ِ
يمتدُّ البريقُ
بعدها أنسابُ
كالنهرِ الأليفْ
ينطوي فيّ العقيقُ
حينها
ينتابُني
في غفلةٍ منّي الحريقُ
..
م 1
مطرٌ أيقظ َ
الأسرارا
لفّني الغيبُ صلاةً
ثم طافَ الوجدُ
حولي
وتوارى
كنتُ عشباً
غسلتْني
رعشةُ البردِ
فأيقظتُ السكارى
جاءني
من جانبِ الوردِ
نداءٌ
قال :
كنْ خيطاً من الشوقِ
وارتدِ العشقَ إزارا
..
م2
حملتْني الريحُ
للنهرِ الشفيفِ
فطواني النهرُ
كالطفلِ الأليفِ
قال :
خذْ ما شئتَ
من مائي
وكنْ
في حضرةِ الصمتِ وصيفي
أنتَ بي سري
وآلائي
إذا غابتْ حروفي
..
م3
قالتْ الريحُ :
من البحرِ تزودْ
بخيوطِ الموجِ
وانسلْ
بعضَ ما يُخفي الضبابُ
بعضَ ما تُخفيه
أحلامُ النوارسْ
بعضَ ما أَخفى الحجابُ
خذْ من المرجانِ
خيطاً
ثم خذْ
من سمكِ البحرِ
اللآلي
ثم
يطويك الغيابُ
..
م 4
قالتْ الغاباتُ :
يا أشجارُ كوني
في قميصِ الحلمِ سراً
ثم قالتْ
يافراشاتُ
استعيري
من رفيفِ الضوءِ سفراً
ثم نادتْ معشرَ الطيرِ
إليها :
مَنْ يُخيطُ الفجرَ
مِنْ لحنِ الغناءْ
مَنْ يُحيكُ اللحنَ فجراً
قالتْ الطير ُ
جميعاً :
سرُّها
في الروحِ أسرى
..
م5
حملتْني الريحُ
للصحراءْ
جمعتْ رملاً
وقالتْ :
أيُّها الرملُ
تجدّلْ
في احتمالاتٍ عديدةْ
واختبئْ
ما بين خيطانِ
المسافاتِ البعيدةْ
وتماهى
في قميصٍ
جَدَلَ الدنيا قصيدةْ
..
م6
مطرٌ حاكَ قميصاً
من خيوطِ المعصراتْ
مطرٌ ألبسَ النهرَ
قميصاً من حياةْ
أيُّ حلمٍ
كنتُ عشباً
صرتُ خيطاً
في قميصِ المعجزاتْ
..
م7
هكذا أيقظتُ أسراري
وهمتُ
نهضَ الحلمُ
بأجفاني
فنمتُ
أسدلتْني
فوقَ أسرارِ المتاهاتِ
فتُهتُ
جسداً
طافحاً بالعشقِ
والسحرِ
لبستُ
كنتُ عشباً
بعدها
أني كقمصانِ الفراشاتِ
حلمتُ
..
ي 1
يحارُ
بفتنتها الليلُ
والأنجمُ الساهراتْ
بفتنتها
تحتمي الأغنياتْ
كأن الذي صاغَها
صاغها من نسيمٍ
وألقى عليها رداء الصلاةْ
..
ي 2
إذا مسَّني الدفءُ
منها أغني
وأنسابُ في رحلةٍ
من غمامْ
فتُسدلني
من على كتفيها
على جسدٍ
من بريقِ الرخامْ
..
ي 3
أرفرفُ كالطيرِ
حولَ عمودين
من رقصاتِ البَرَدْ
وأهفُو
إذا ما لمستُ الرحيقَ
أقبِّلُ أيقونةَ الفجرِ
والفجرُ
في هفهفاتي سَجَدْ
..
ي 4
هي السحرُ
أحلامُها من أثيرْ
تـُثيرُ بلهفتها الوردَ
تلقي على الريحِ قمصانها
كي تنامْ
فينفجرُ الصخرُ عيناً
يسيلُ
على راحتيها الكلامْ
..
ي 5
أصابعها
من نبيذٍ عتيقْ
ومن ورقِ الوردِ أكوابُها
إذا لا مستْ
قدماها الطريقْ
تسافر في الدربِ
أطيابُها
..
ي 6
يقول المساءُ لها
عمّديني
وضمّي بعينيكِ
سرَّ اليقينِ
فتُلقي عليه
قصيدةَ شعرٍ
وتُولجهُ
في بريقِ الجبينِ
..
ي 7
تعانقُني
ــ حين تسدلني راحتاها ــ المرايا
وتأخذُني
للمساءِ الحكايا
أُلامسُها
فتُصلّي خيوطي
على جسدٍ
ضمّ كلَّ الخفايا
..
ص 1
صامتٌ
شفَّ الندى
عن صلواتي
لم تكنْ لي قبلها
من رحلةٍ
قبلها
أغلقتُ باب الأمنياتِ
..
ص 2
عندما أوحتْ
بأن أصفو لها
طافَ بي طير ٌ
إلى سرِ النُهى
..
ص 3
ترتديني
كلّما حلَّ المساءُ
ثم يطويني على أسرارها
دفءُ السريرِ
حينها
يحتارُ في السحرِ الغطاءُ
حين يسترخي
على سرٍ
تجلّى في الحريرِ
..
ص 4
أيُّ فيضٍ
مُنزَلٍ
من مفرقِ النهدينِ
حتى
جنةِ الفردوسِ
في السفحِ الأمين ِ
حين أرختْ
راحتيها
قربَ أسرارِ
الجنون ِ
فاضَ شوقي
واستباحَ البوحُ
في السرِ
حنيني
..
ص 5
أّتَخَفَّى
منها
فيها
ثمَّ أغفو بين أعطافِ
الورودْ
أتندَّى حين يندى الوردُ
أبكي
مثلَّما الطفلُ الوليدْ
..
ص 6
حين تسترخي أرى
ما لا يراهُ الراسخونْ
جسدٌ يمحو الرؤى
يُوحي
لقمصانِ الغموضِ المتواري
أنْ تكونْ
..
ص 7
إنها السرُّ
الذي
يُخفي نواميسَ الوجودْ
إنها سرٌ
ــ إذا ما فُكتْ الأسرارُ
في الدنيا ــ وحيدْ