زجاجٌ مُحطّم - عبد الرزاق الدرباس

سأصعدُ يوماً لألقاكِ بين الغيوم ..
فقد صرتِ أغلى و أبعدْ .
و تغسلني بركة الأمنيات لكي أتجدّدْ .
و حين أراكِ على صهوة الحلمِ أذرفُ دمعاً سخيناً ..
و أطلقُ صرخة وجدٍ بحزني المقيّدْ .
غداً تكتبُ الشمسُ أشعارنا فوق بابِ المدينة ..
و ترنو إليكِ عيونُ اليتامى ..
كلمعِ الزجاجِ المحطّمِ في بابِ مسجدْ .
غداً يا خريفَ الدموع سنبذرُ أحزاننا في الترابِ..
و يأتي المطرْ ..
لتنبتَ ضاربةً في الخصبِ طولَ الجذورِ ..
و جفنُ اللقاءِ قريحٌ مُسَهّدْ .
*** ***
ملوّنةٌ بالخضابِ القوافي ..
و قد أسدلتْ ( شهرزادُ ) جميعَ الستائرْ .
فيا أيها المستبدّ بروحي ترفّق ..
فلستُ على ثقلِ الفقدِ هذا بقادرْ .
لقد بعثرَ الغيمُ أزرارَ ثوبي ..
و من سحرِ ( بابلَ ) رشّ سريري ..
و جدّل بالوعدِ سُودَ الضفائرْ .
ستولدُ من كحلِ دمعتها ألفُ وردة ..
و من عطرها الصامتِ المستباحِ ..
سيشتعلُ الجمرُ فوق المخدّة ..
و يختلطُ الحلمُ بين البيوتِ و بين المقابرْ.
*** ***
إذا قيلَ عني : صبورٌ فلا تسمعوا ..
وإن قيلَ : كان عظيماً فذلك غشٌ ..
و إن قيلَ : يكتبُ أشعارهُ فوق خدّ الورق ..
فذلكَ محضُ افتراءٍ ..
يكادُ يغادرني الصبرُ دونَ رجوع ..
و قد صرتُ بعد انطفاءِ عيونكِ طفلاً صغيراً .
و شيخاً كبيراً .
تناثرَ منهُ الفؤادُ ببحرِ الرمالِ و ثلجِ المنافي..
حروفي نزيفٌ لأنقى دمائي .
أمامي مجاهيلُ غيبٍ ، وحزني ورائي .
فماذا سيبقى لوهْجِ القصيدة ؟
و ماذا سيجري بساقيةِ العمر في ذاتِ صيف ..
و أينَ ؟ و كيفَ ؟ و مَنْ ؟ ثمّ كيفْ ؟
*** ***
سأعرجُ يوماً لألقاكِ بينَ الغيوم ..
فقد صرتِ لغزَ المحالِ و تاجَ العلاء .
و أرجعُ من رحلتي متعباً خاسراً ..
أمرّغ ُ خدّي على شوكِ أوجاعِنا في المساء .
و حين تراني الفراشاتُ تهربُ منّي .
و حين تراني العصافيرُ في الفجرِ ..
تقسمُ أنْ لن تغنّي .
فآوي إلى صمتِ ليلي ..
و أسكبُ فوق احمرارِ الجروحِ تراتيلَ شجوي ..
و سيّءَ ظنّي .
و أكتبُ فوق المرايا نشيدَ الغيابِ الذي طال ..
ثمّ على مسمعِ الكلّ ..
أعزفُ لحني .