الشاعر - عبد الرزاق الدرباس

الليل يسجد في يديك فلا تخف.
و عرائس الجن التي هجرت كهوف الوقت..
أحرقت الملف .
انثر بذورك في شفاه الجرح و انتظر المطر ..
فلربما بصقت عليها كل أسراب الخفافيش القميئة ..
للأسف.
و لربما دمعت عيون قصيدة عذراء..
يهواها رجال الوزن و التقطيع و التطويل..
في زمن الحذف .
*** ***
اسكب دنان الدمع فوق حسيس نار جهنمك ..
حتى يطاول من ركام الوجد..
شهقات القباب .
صور ملاحة حسنها ..
و تنفس الصبح الشقي على ملامح وجهها ..
و افرط تويجات البنفسج فوق خصر صبية ..
قد مرغت خد الشقائق بالوسادة..
و الكتاب .
خاطب نواح النسوة اللائي نقشن بكل سطر ..
من لياليك المبعثرة النجوم ..
وأغلق الميناء بالكفن المطيب..
حين يتشحون بعدك بالبياض ..
فتنتشي في ساحة الأرحام حفلات السباب .
دق المسامير الشهيدة في تلافيف النعوش ..
وغن في تلك الجنائز مرة :
يا حادي العيس التي غاصت برمل الغار عند ( قريشنا )
صفرا على صفر ..
ليبتدئ الحساب
*** ***
الحبر يغرق راحتيك فلا تمانع .
و عجين أمك صار أرغفة مربعة ..
و بطن القبر جائع. ارصف حروفك فوق جسر الباكيات على الغريب..
و ترقب الغادين صوب نهاية النهر العجول
و مادروا أين المنابع ؟
كل الكلام قلائد ثقبت شفاه الورد..
و التفت على خصر الأنوثة..
مثلما الثعبان فيه السم ناقع .
*** ***
خبئ بحور الشعر و الكلمات ..
في دمك المباح .
حتى إذا جاؤوك ينتهكون حرمة إصبعيك فقل لهم :
إني دخلت السجن ثم خرجت أقوى ..
و ركلت بالأقدام ثم نهضت أعلى..
و طليت بالروث الطري فصرت أحلى من أناقتكم و أغلى ..
قل لهم :لا ضير مهما قد فعلتم ..
بعد موتي سوف أحيا ..
بعد إخراسي سينطلق الصياح .
خبئ بحور الشعر في دمك المباح ..
فعصرنا العربي معصور مثقب ..
و زماننا عجب و رقص القرد أعجب ..
الشاعر الفحل الذي هزم الرياح .
*** **
اندب تجاعيد الجبين و هالة العينين ..
و الشعر الذي هجر السواد.
فكل سيدة مضت يبيض منها نصف رأس ..
و لكل طاغية و وغد قطعة من لحم مشوي الفؤاد .
لملم بقايا حلمك المقموع بالتفتيش و التنبيش و التخديش و (البقشيش )..
في زمن العمولات التي جعلت بلاد العرب ..
كبشا في المزاد .
اثقب خواصرك الطرية عل آها تفضح الليل الخبيء ..
و ارسم قيودك مثل خلخال يهز الأرض عند سقوطه .. و يحن للرجلين عند الابتعاد.
يا شاعرا كتب الزمان على الورق ..
و تكورت دنياه مثل النهد في أوج الشبق .
كفكف دماءك، إن جرحك نزف أوردة البلاد .
و بياض شعرك شمعة ولهى تذوب
لكي تنير لنا ظلام الشمس أيام الحداد .
*** ***
غيم هي الكلمات حين تقولها ..
و الصوت برق .
ليهيج بحر من أكف الراحلين غداة تلويح الوداع ..
على الطرق .
شفتاك نبع سلالة المر المصفى ..
حين تسكبه بثغر حبيبة نامت على شوك الرياح ..
و جدلت حبل الضفائر مثل مشنقة الزعيم ..
بغير حق .
صلبوك فوق كروم أوراق مقلعة التخوم ..
رجموك في حفر الهزيمة حين توقيع العهود مع الخصوم ..
جعلوك أصناما و خلوا الفأس مغلولا ..
إلى ذاك العنق .
يا شاعرا حرق المراحل في غبار الوقت لا تصمت ..
فطعم موائد الكلمات لم يبرح فمك ..
و ربيع عينيها سيبذر ياسمين الوعد ..
في كل الطرق .
*** ***
ليت الحروف مخارز ..
لسملت عين الناظرين إليك بالحسد .
و قرأت ( قل هو ) و المعوذتين و الكرسي ..
فوق تميمة الولد .
السيل من شريانك المصفود يجري..
و التنانير التي فارت سترمي في شباكك..
حبلة المسد.
ستهيم خلف الريح تسبح في ذنوب الهدهد اليمني ..
عند مفيض مأرب حيث يهرب منك ماء السد للسدر القليل ..
و كثرة الزبد .
اظمأ فكل منابع الأرض ارتوت من حلو دمك ..
ثم نقاها الفرات من القذى ..
فمشت إلى حيث النهاية دون أن تلوي ..
على أحد .