نرجسات الجنوب - عبد الرزاق الدرباس

هنا ذروة الوقت تنفض عنها غبار الدهور..
و شمع التجلي و قطر الندى .
هنا ينزف العمر من ثقب صدر الرضيع الذي صاح :
قد مات رجع الصدى .
هنا ينقش الله قرآنه من جديد بسبع القراءات ِ ..
و المبتدا .
تنام على بحرك الماخرات كما يذبل الورد فوق القبور ..
يضل الهدى .
يا جنوب المهام العصية و الكبرياء الذبيحة ..
يا نَوحَ بعض نساء المخيم ..
و كل العواصم أرضُ المخيم ..
و كل المنابر أضحت جهنم ..
و أنت الشفيع إذا دنت الشمس فوق الرؤوس ..
وكل فم بالمذلة أُلجِم .على ضفة "الوعد" ينزلق الموت جلمودَ صخرٍ..
حطه الباصقون دما في الطريق ..
وما من رفيق ..
سوى خفقة القلب تجرح سماعةً للطبيب ..
و تبكي عليك ..
سوى عرباتٍ عليها هلالٌ جريحٌ و نصف صليبْ.
تحاول هذي الشفاه اللعوبُ بأن تحبس الكلمات العذارى..
و لكنها من ثقوب المسامات تخرج ..
و من قبلة الحجر الأسود المستريح ستخرج ..
و مهما سألْتَ و حاولْتَ فك طلاسمها..
لن تجيب .
هنا نغرس الكرْم و المجد وقت الشروق ..
و عند المغيب يكون الزبيب .
فيا ذابح الوقت في مجريات الخدود تصبّر ..
و يا " عبلة " العشق موتي ..
فما عاد في الحي من يقتل الوقت كي يتسلى ..
بسيرة " عنتر "
لقد راهن الجبناء عليه..
و لكن " شيبوب دبّج فصل الخطاب ..
عن الحرب و السلم و العدل و الظلم في مهرجان الشعوب ..
و رش على مجلس الأمن غاز العمى ..
فقام و قال .. و صال و جال ..
و بعد اقتلاع البكارة غصبا..
تمتع بالدم فوق بياض الثياب و نام .
هنا يا جنوب الكواكب تهذي ..
تغيّر في اليوم كلّ مداراتها كي تعود ..
تعيش القواميس موت اللغات ِ ..
و تحترق المومسات ..
و يصبح تل الركام ضريحا لعلو المقام ..
فيا مالكَ النفطِ .. يا سيد الحل و الربطِ..
يا صاحب القصر و الصبح و الليل و العصر ..
مات الكلام .
حروف الهجاء تبدت بنادق فوق الصدور ..
و كل التفاعيل صارت منصاتِ رجمٍ ..
فألغى " الخليل بن أحمد " كلّ البحور ..
فلا كامل مثل قذف الصواريخ نحو العدو ..
و لا وافر مثل إيماننا بالكرامع عند المعابر ، تحت الجسور ..
" جنوب " طويل له في القلوب الرجال مكان ..
و لا من بسيط سوى رجحان الموازين ..
نحو الحقيقة و العنفوان ..
و " رجز " بغزة فيه الحصار و كفّ تعمد بالدم فوق الطور ..
له تضحك الشمس في كل عام ..
فيولد في الدهر يوم أغرّ
فتهديه كل نساء الجنوب السلام .
و تسألني يا جنوب القاسة : أين العرب ؟؟
سؤال عصيّ عل شفتيّ ..
و كيف أجيبك ما عدت أدري ..
فردّي عجب , و شعري لهب ، و صوتي غضب ..
أخاف صهيل المهور و عري الصدور ..
أخاف السبب.
ألم يكفهِم ولغهم في دمانا ؟؟ و حرق حمانا ؟؟
بنيات " غزة " أطفال " قانا "؟؟
سنشدو على الدم ترتيل " مريم " و سورة " طه " ..
مضى الزمن الأعرج المستباح ..
نسينا الجيوش و لون العروش ..
و عدنا إلى ثلة من بيوت الشرف ..
و لكن تقاوم .
إلى أي دين و أية أم و مذهب ..
ولكن يقاوم .
هنا الموت تبصقه الطائرات علينا و لكنْ لنحيا ..
و بين الحياة و بين الشهادة ومضة عين و صدق انتماء ..
ربما تسمع صوت الرصاص الذي سوف يرديك أو لا ..
فماذا إذا غير روحك أَولى؟؟
و موتك تحت البناء الخراب الحصار ليصبح صوت الزغاريد أعلى..
و أحلى .
سنقرأ فاتحة العيد فوق الجنائز تحت الركام ..
و عند القبور و خيط السحور ..
شينشد أطفالنا :
نرجسات الجنوب حديدة فأس ْ..
تكسّر في الحرب أكبر رأس ْ
و في السلم تزرع زيتونة الحب قبل الصلاة ..
فيأوي إلى ظلها العائدون من شفة الجرح..
من دمعة الملح ..
و من كفن فصّلوه لطفل صغير لم يذق طعم ثدي التواطؤِ ..
في شهقة الخلد أو حشرجات النداء ..
هنا يا جنوب العزيمة تولد ..
و يهزأ بالقصر هذا الركام .
هنا يا جنوب .. النبوّة صارت مجازا ..
فعذرا إذا قلت يوما :
عليك السلام .
أجل ياجنوبا بلبنان يوما و يوما بغزة ...
إليك الصلاة .. عليك السلام .
*
7/1/2009 م