الطريق - عبد الرزاق الدرباس

رويدك ليس في الدنيا خلود
فلا يغررك من عمر مديد

هي الأيام تترى لا تبالي
و تنقصنا السنون إذا تزيد

فلا تأمل بنيل الخلد فيها
لأن المنتهى يوم جديد

إذا امتدت بك السنوات فاعلم
بأن لمنتهاك دنا الورود

و كم من دمعة حرى ذرفنا!
على غال و نحنا يا " فقيد"

و كم من بسمة سعدى رسمنا!
على الشفتين إذ صرخ الوليد

ولادات ، وأموات ، و دنيا
إذا أفل النهار فلا يعود

*** *** ***

تفكر يا بن آدم في الليالي
إذا مرت و أفنتك العهود

و قل :يا نفس أين أبي و أمي
و صحبي و الأوائل و الجدود؟

لقد أفنتهم كف المنايا
و من آثارهم دثرت لحود

سيحملك الرفاق على كتوف
و بعد الدفن تفترق الحشود

و ينصرفون عنك إلى ذويهم
و أنت بغيرأصحاب وحيد

غريب الوافدين بلا أنيس
و قبرك ضيق و الجار دود

و تسمع قرع نعلهم رجوعا
و ترغب أن تعود ولا تعود

و حفرتك التي مددت فيها
هي السكنى الأخيرة و الركود

ستنهض من رقادك ذات يوم
و تشخص إذ بصيرتك الحديد

و تنسى المال و الأهلين فيه
و تذهل ، غير نفسك لا تريد

هنالك توزن الأعمال عدلا
فلا المكيال ينقص أو يزيد

يداك ستشهدان عليك حقا
و رجلاك وطرفك و الجلود

لقد نطقوا بأمر الله صدقا
و عند الله قد صدق الشهود

فإن ساءت فعالك خضت ويلا
شقي أنت في نار تئيد

و إن حسنت فذا فوز مبين
و أنت بجنة الخلد السعيد

أخي إن الحياة بذار حقل
و يوم الحشر جنيك و الحصيد

و خير الزاد إيمان و تقوى
إذا ما جاء بالنفس الشهيد

*** *** ***

على أبواب عفوك يا إلهي
و قفنا و السماحة منك جود

و من ثقل الذنوب بنا صغار
و خوف من حسابكم شديد

فجد يا رب بالغفران إنا
إليك نفر منك ،أيا ودود!

سأنهيها و نفسي في اشتياق
و عندي من جواهرها المزيد

ختام القول صلى الله ربي
على المختار ما بقي الوجود