كرويّة الحلم والشهقة - إبراهيم أحمد الوافي

( فاتحة )
( مكوَّرةٌ هذه الأرض يا حالمة ..!
قرأتُ التكوُّر للأرض
عند جميع الذينَ رموني
بتهمتها ثم ماتوا...
إبراهيم الوافي )
( أبي ) :
يمدُّ النخيلُ ذراعيه نحو السواقي ..
وبي من لهاثِ القصيدة ما يجمع
القلبَ والنخلَ والأرض
أبي كان يزرعُ ضوءًا..
سقاه زمانًا وأهداه لي ..
ثمَّ قالَ :
(اسقه يابُــنَـيّْ)
وهاأنا ذا:
والنخيلُ أمامي
تجرِّده الريحُ من كل شيْء
تعرَّيتُ للنخلِ
حين استقامت يدي ...
وكانَ أبي :
( أيها الأمُّ مدي ذراعكِ نحوي
أعطني من ترابِ الضياء العرقْ !
ظمئتُ بماء التعرُّقِ
حتى الغرقْ
أيها الأم مدي حبالك نحوي
.. لابأسَ
بالجذع
بالسّعْفِ
بالمائساتِ القدود ..)
وكنتُ أبي :
أمدُّ يدي باتجاه الضياء
أرى النخلَ يلتفُّ بالنخلِ
( ليمونةً ظلَّلتْ في شفاتي الضحى )
أعيدُ إلى كتفي ماوهبتُه قبلاً
.. ليبقى أبي :
يصبُّ مياهَ القصائد
فوق الظلالْ ..
يدوِّره باتجاه الضياء
( دوائرْ
دوائرْ
دوارٌ
دوائر
دوارٌ ..دواااارْ
ويهوي أبي من جبين النهارْ..!!
( أمِّي ) :
أسحُّ دموعي على
الثديِ حتى تملَّح
حتى تحلَّلَ
حتى تكوَّر ...
ثم استوى
وكيفَ ارتوى ؟
حينما كانتِ الأرضُ أنثى
جمعتُ بها شهقاتِ الرمال
وكانت ...
تهشُّ قطيعَ القصائد
تدفعه باتجاه الرجال
إليكَ بنيَّ : المحالُ.. المحالْ :
أسحُّ
أسحُّ
أسحُّ
كأنَّ التكوُّرَ كان الفراقْ
أخافُ من الوأدِ إن كنتُ أنثى
ولكنني جئتُ شيئًا جديدًا
تندَّبَ فوق سطورِ الحياةِ
جميلاً
قبيحًا
سليمًا.. معاق !!
(فاتن )
أكوّرُ عيني :
عندَ المساء
وعندَ الصباح
وعندَ الهجير
أصبُّ على صدركِ
الماءَ
والثلجَ
والزمهرير
أحبكِ:
حينَ قطفتُ العناقيد قبلَ النضوج !
وحين تركتُ القبيلةَ في بابِ عمِّي :
سمعتُ ضلوعكِ
ذات عِشاءٍ تطارقُ بابي
وتصهلُ حولَ الخيامِ التي
ضاجعتها المدينة فتحًا....
وكان الوليد .!
إذا ماولدتِ الزمان الجديدْ
أتبقى الدقيقةُ بنتُ الزمانِ
... ؟ ...؟
ويبقى الزمانُ أما من جديد؟
إذا لم أكنْ صاحبَ السيفِ يومًا
ولم أشترِ حلةَ العرس ذات مساءٍ
ألن يولدَ الحرفُ
من رحمِ عينيكِ صِرفًا ؟
ويعشبََ في الصيفِ حقلُ الجليد؟!
لكنكَ الآنَ كلُّ القصائدِ ..
كيفَ أخافُ التكوَّرَ فوقَ القصيدةْ ؟
أخافُ
أخافُ
أخـــااااافْ
لبستكِ شعرًا !..!
أموِّجُ في السقفِ بحرَ الظنونِ
أرى فيهِ كلَّ المراكبِ ..
لاتعرفُ العَوْمَ
كلَّ النوارسِ ..
فيهِ تبيضُ
وتَنْثُرُهُ كرةً من حياةْ ..!
(........) :
..وكم قد حلمتُ بأنَّك ذات مساءٍ
رسمتَ حروفي بماء الحياة
وأنِّي تكوَّرتُ حتى الولادةِ ..
نـُـمْـــتُ
صَحَوْتُ
بكيتُ
ضحِكْتُ....
وأنَّكَ مازلتَ بكْرَ الشفاة !!
تجوعُ إذا جاعَ فيك الخيالُ
ويعلكُ صمتُكَ عشبَ الفلاة !
وأنَّكَ إن كوَّرت مقلتاكَ الطريقَ
وقفتَ على شرفةٍ لاتنامُ
تنفَّسُ من رئةِ العابرين
تفكُّ يداكَ جدائل شعري
ويجهشُ قلبُكَ حدَّالصلاة !!
( ........ )
أجيء لعينيك ذات وسن
إذا مالشتاء على بابنا
وبي لثغة الراء ثوبُ الشجن :
تيا أي جيحٍ
قيأتَ
عيفتَ
يجمتَ
سبيتَ ..؟
( ترى أي جرحٍ قرأت عرفتَ رجمتَ سبرتَ )
وكان الوطن ؟!
(أنا)
إذا ماتكوّرتُ
فوق الفراش ونمتُ
أيبقى النهارُ على موعدي ؟!
أيأتي غدي ؟!!
إذا لم تقرَّ العيونَ العيونَ ..!
إذا لم تكن ليلتي ( ........ ) ...!!
وفجري كعصفورةٍ حالمة ..
فكيفَ أصدِّقُ هذا التكوُّرَ للأرض
حين يحلُّ الظلامُ
وملءُ دمي شهقةٌ نائمة ؟!