أربعاء العسل المر - علاء الدين عبد المولى
كيف أستثني نهاراً مرَّ في القلبِ
ولم يسكبْ على كفّيكِ شمساً من سلامْ
كيف لي أن أحتمي بالظّلّ
والبابُ مع الشَّباكَ ينبوعا لهيبٍ
وخطىً أسمعُها تعبرُ في صمت الممرْ
عندما يلسعني الشّوق ويمتدّ على جِلدي إِبَرْ
دون عينيكِ أنا عشبٌ يتيمٌ في حجرْ
كيف أحمي داخلي من ذئبِ شهْواتي
ومن وحشِ الضّجرْ؟
طعمُ هذا الصّمتِ مرٌّ
وكلام الجسد الباكي أَمَرْ
أخذتْكِ الأرضُ نحو الشّرقِ
لا زرع هناكْ
تطعمين القلب منهُ عند ساعات الهلاكْ
أنا زادٌ من أزاهيرَ، وصدري مدخلٌ نحو المطرْ
هل تعودينَ سريعاً
بعد أن تبعث كفّاك من الفخّار
أشكالاً لتاريخ عَبَرْ؟
أنا جغرافيّة الحزنِ
وهذا أربعاء العسل المرّ
لساني يابسٌ
حَلْقي مع الصّبّار مُلْقى
وسقوفُ العالَمِ الصّيفيَ تنهَدّ على ذاكرتي
مطفأٌ صوتي وفي حنجرتي نصلُ بكاءٍ
نسيْتُهُ الرّيحُ ليلاً، فانكسرْ...
بدأتْ غيبتنا فوق مكان غمرَتْهُ
وحشةٌ تطلقُ ناقوساً ينادي في قبابِ تُركَتْ
منسيّةً لا أحدٌ يكملُ فينا الصّلوات العاشقهْ
الثّريَّاتُ تدلَّتْ فجأةً، مظلمةً،
أيّ ابتهالاتٍ سعَتْ في الأروقَهْ
كيف لي أن أحضنَ العالمَ في هذا الفراغْ
وأنا خيطٌ نحيلٌ فوق نار المحرقَهْ؟
أَسْمِعيني نبضِكِ الآتي
أرى الأحزانَ أدنى من مراياكِ
وأعلى من خطاكِ الشَّبِقَهْ
سلَّمْتني يدكِ المبدعةُ المفتاحَ نحو القلعة الخضراءِ
لكنّ رياحاً سرقتْ منّي كنوزاً وهدايا
فمضغتُ العزلةَ الصَّفراء حتَّى أنَّني
ضيَّعتُ وجهي وأنا أوقدُ شمعاً في المرايا
لكِ مجد الرَّقص في مسرحِ وجدٍ
يتنامى جسدُ العاشقِ فيهِ
أبصريهِ صَهَرَ العالمَ في عينيهِ/ عينيكِ، فلا تعتزليهِ
هو مكتوبٌ على سيفٍ من الحبِّ، اقرئيه
هو منفى حجريٌّ
فأعيدي شعبَهُ الرُّوحيَّ للدَّاخل،
ولتنتشري بين سلالات بنيهِ...
ليس حبّي لكِ ثوباً واهياً كي تخلعيهِ
أنا في عينيكِ بَعْثُ الوَمْضِ من غفوتِهِ،
شكلُ التَّلاقي بين تاريخينِ،
صوتُ النَّهر في الأحجارِ،
معنى الحلْمِ، ممشاه ومَسْراه،
أنا المُضْمَرُ في أشيائِكِ الصّغرى
بريقُ الخاتم الجنسيِّ في فخذيكِ،
عطرُ النّهد إذْ ينزلُ عن قبَّته،
يشطرني ألف خليَّهْ
ليس حبّي طارئاً
هو خَتْمٌ، وهويَّهْ...
_________
28/حزيران/1995