إنْ هو إلاَّ و حيٌ.... - علاء الدين عبد المولى
أحبّكِ كيفما اتّجه الكلامُ
أنا المبعوثُ بين يديكِ، يُوحى
إليَّ الشّعرُ، يشرق بي سلامُ
حرائق عالمي الآتي تراءتْ
وجوهكِ من نوافذها البعيدَهْ
ورمَّمني اللّهيب، فلست أدري
جحيمٌ في الأصابع أم قصيدَهْ؟
ذهلت عن الحضورِ، وكلُّ وجهٍ
سواكِ يلفُّه غبشٌ قديمُ
ضجيجُ الكائناتِ هنا خريفٌ
تدورُ به رؤى سودٌ عقيمُ
خلعتُ نسيجهم عنّي، فطقسي
قريباً أم بعيداً في عراءٍ
كلامُكِ في يدي ذهبٌ مشعٌّ
أنا في صَفْوه أبداً مقيمُ
ليَكْثُرَ بيننا خَلْقٌ عظيمُ
أزفّ بك القصائدَ، وهي ظلٌّ
لنوركِ، وهي قرآن كريمُ؟
سأدخلُ بابكِ العالي مطلاًّ
على ينبوع ميلادٍ مصفَّى
هنا الأسرارُ تكتمها الخلايا
تشفّ، وتصطفيني كي أشفَّا
أخافُ عليكِ من ذكرى رمادٍ
تفاجئُ عريكَ الرّيّانَ خوفاً
أخافُ بكاء قلبَيْنا شتاءً
ونحن نموت كي نختارَ صيفاَ
صَفَوْنا يا معذّبتي غراما
ونحن من الدّموع الزّرق أصفى
إليكِ خروجُ روحي في مداها
تقِّطرُ بوحَها الشِّعريَّ نزفا
جفوني كونُ أشواقٍ تعالى
تعاطى خمرةَ الملكوتِ صِرْفا
سكرتُ وهمتُ حتَّى طيَّرتْني
رياحُ الوجدِ تعصفُ فيَّ عصفا
أمدّ بساطَ أضلاعي وأغفو
وأعلم جَهْرَ أحزاني وأَخْفى
وكان الكونُ قرب يدي صغيراً
ووجهكِ طائرٌ في القلبِ رفَّا
أنا مزمارُ شهوات خصيبٌ
يجلُّ الصَّوتُ فيه أن يجفَّا
أنا فَتْحُ الخطايا تحت جلدي
ولدتُ لمرَّةٍ ، لأحبَّ أَلْفا...
... ... ...
أحبّكِ أنتِ نسياناً وذكرى
ومائدةً من الصَّبواتِ سكرى
أشيّدُ فيكِ ميلاداً جليّاً
أباركُ عنده قلبي المعرَّى
ومتَّهَمٌ بغزلانِ البوادي
وليس سوى دمي المسفوحِ عُذْرا
صُلبتُ على جمالكِ، لم أُشبَّهْ
لمن يبنون للشّبُهاتِ جسراً
أنا فيضانُ حسٍّ كارثيٍّ
مراثٍ أُنْهِكَتْ مدّاً وجزْراً
أنا خَتْمُ النُّبوّةِ فوق ظَهري
أرتّل للهوى سِفْراً فسِفرا
أنا الأُمِّيُّ في غار العذارى
يناديني الفضاءُ البكرُ: إقرا...
يشل الجمرُ، من وجدٍ، لساني
فأقرأُ آيةً، وتضيعُ أخرى
يظلّلني غمام أنثويٌّ
وأنضَحُ في الطّريقِ إليكِ عطرا
أتيتكِ ناسياً فِقْهَ الوصايا
فصُبِّي فيَّ علمِكِ يا (بحيرى)...
___________
2/أيار/1995