بحر على موجة - علاء الدين عبد المولى

بسم الظّلام المارق الضّلّيلِ
رتّلتُ حبَّك فاستوى ترتيلي

ورفعتُ داليةً من الكلمات نشوى،
إذ جرحتُ بنحتها إزميلي

ودخلتُ آخر عتبةٍ قدسيّةٍ
عطّرتُ من نفحاتها منديلي

ولبثتُ أنتظرُ الكشوفَ بداخلي
لتضيءَ كلَّ مدنَّسٍ وجميل

فرأيتُ أنِّي موجةٌ يُبنى عليها
البحرُ، إذ ينسابُ من قنديلي

والّلوح محفوظٌ بعُمْقِ تَحوُّلي
لأقول فيكِ غوايةً وتقولي

شعراً أقولُ مقلِّداً عينيكِ حين
تعانقان مع الضّياء أصولي

لولاك هلْ ترثُ الكواكبُ ضوءها
وتعيدهُ قمحاً بصيفِ حقولي؟

فبأيّ بابٍ أحتمي إمَّا خرجتُ؟
وأيّ أعتابٍ تعينُ دخولي؟

قلبي وقلبك قبَّتان من الَّلهيب
تراسلا في الحبِّ دون رسولِ

لأقيم بين يديك خيمة لذّةٍ
فيها يطيبُ تنقّلي ونزولي

وأذيعُ باسمكِ ما أكنّي مبصراً
مالا يُرى من تائهات دليلي

منك ابتدأتُ وفيك آخرُ خطوتي
يا من تُطَيِّبُ موكبي ورحيلي

وعليك رضوانُ الصَّفاء وشمسُهُ
نزلا، لأشرَحَ لعبةَ التَّنزيل

تتعمَّدين عُلوَّ برجٍ مقفل
لأعود من غزواتِه بفلولي

هو روحك الأزليُّ منذورٌ لـه
جسدي، فيا لمزيجنا المعسولِ

صَمْتي بصمتكِ بات منشغلاً، وكَمْ
غادرتُه بفؤاديَ المشغول

حتّى إذا أشرقتِ من كتبِ الصَّباح
بوقع قيثارٍ، نزفتُ طبولي

ورُميتُ من أعلى سياجي وردةً
زرقاءَ، لمِّيها بعطر قَبُولِ

أنا فيك أرمي تاجَ مجدي، في الهوى
لا فرق بين متوَّجٍ وذليلِ

هاتي يديك وشرِّديني فيهما
وارقَيْ معي غيبوبةَ التَّقبيلِ

الحبّ وحيٌ منَزلٌ لا تسألي
عن كنههِ، إذ ليس بالمسؤولِ

هـو يمزج المُرَّينِ في عسل العُلى
ويعيدُ مقطوعاً إلى موصول

بيني وبينكِ سبعُ أعماقٍ عَقَدْتُ
لهنَّ غيمي كي يتمَّ هطولي

بيني وبينك أنَّني سأطوفُ حولكِ
مُحْرِماً، متلعثماً بذيولي

فيك انفسحتُ وقوّةُ الأنوار بي
دَفْقٌ إلى الأعلى كسربِ خيول

وخشيتِ أن تتأبَّطي نار الهوى
لمّا فتحتُ عليكِ باب صهيلي

سأشيعُ فيكِ حديقةً حَيْرى بما
أخفيه من إيقاعها المجهولِ

فاستسلمي لمشيئة الشَّجر المقدَّسِ
حين يقرأ ما تقولُ فصولي

لغدٍ أسيرُ بأنجمي، فإذا وصلتُ
إلى غدي، فتأملّيه وُصولي

شرقُ البلاد وغربُها عيناكِ،
والمنفى على قدميكِ قبرُ نخيل

والقلبُ نورٌ فاطميٌّ، خلفَهُ
نورٌ لمريمَ، قرب نارِ خليلِ

قلبٌ طواه الحقُّ فانتشَرَتْ به
صحفُ من القرآن والإنجيلِ

هل تقرئين نقائضي في وحدةٍ؟
وكثيرَ حبِّي في مقامِ قليلي؟

هل تحصدينَ سنابلاً مخفيَّةً
وتباركين بصيرةَ المحصولِ؟

نزّلتُ فيك قصائدي فتأوَّلي
إنّ القصائد حرَّةُ التَّأويل

ولقد شهدتُكِ في مقام الحزن،
كنتِ ـ حبيبتي ـ مقتولةً بقتيل

أجَّلتُ فيك الحلمَ حتَّى كاد أن
ينهدَّ بين خرائبِ التّأجيل

مأوى رؤاك أنا وعشُّ حمامها
فتوضّئي عند الضّحى بهديلي

قلبي كتاب شُكّلَتْ آياتُهُ
في راحتيكِ، فهذَّبي تشكيلي

أنا بضعُ طوفانٍ يخرّبُ ذاتُهُ
من ذا يعيد إلى الضّفاف سيولي؟

أنا عرسُ أشباحٍ ومأتَمُ رغبةٍ
ومتاهُ أسفارٍ وشَعْبُ طلولِ

أختارُ كهفَ الصَّمت ثمّ أحيله
خرباً، وأطلقُ فيه رُعْبَ عويلي

أفدي الهواجسَ بالهواجسِ، كلّهنَّ
ضلالةٌ، يا روعةَ التَّضليل

أفدي سطوعكِ بالظَّلام فواصلي
شمسَ الأذانِ ونجمةَ التَّهليل

حتّى يُتمَّ بداخلي قهرُ الجمال
جلالَهُ، فيتمَّ فيكِ حلولي...

________

10/7/1998